ولكن حتى لو نُوَّنتا، وهناك قراءة تنونهما فعلاً، فليس في تنوينهما من بأس، إذ من العرب قديماً من كان ينوَّن الأسماء كلها ما عدا "أفعل التفضيل". صحيح أننا الآن لا ننوَّن أشياء كثيرة من بينها ما كان من الجمع على وزن "مَفاعِل" و"مفاعيل"، لكن هذا لا يعدو أن يكون جانباً واحداً من المسألة، أما الجانب الآخر فهو أن المنع من الصرف لم يكن لغة كل العرب بل غالبيتهم فقط. ونحن نميل حالياً إلى التزام القواعد العامة وترك اللهجات القبلية التي لا تجرى مع هذه القواعد. إلا أن هذا شيء، والمسارعة بجهل إلى تخطئة أصحاب اللغة الأصلاء الذين منهم أخذنا قواعدنا وإياهم نحتذي فشيء آخر. فليكن الجهلاء على بينَّه من هذا حتى لا يَضِلوا ويُضِلوا! والشواهد الشعرية على صَرْف ما تعوّدنا على منعه من الصرف كثيرة في النصوص القديمة، والأمر فيه ليس أمر ضرورة شعرية فقط كما قد يُظَنً، بل هو لغة من لغات العرب كالمنع من الصرف سواء بسواء.
* * *
٢٠- هذا، وقد سبق أن وضَّحنا، في الرد على الشبهة الثالثة، السرُّ في تذكير كلمة "قريب" في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ