جفظه للقرآن إلى "الحواميم"، وبعض العلماء يقولون إنها اختصار لأسماء الله، وبعضهم يقول: بل هي اختصار لصفاته تعالى، فإذا أخذنا "ألم" مثلاً فإن "الألف" تشير إلى "آلاء الله"، و"اللام" إلى "لطفه" و"الميم" إلى "مجده وملكه"... وهكذا. ومع أن الاتجاه الحديث في التفسير بوجه عام لا يأخذ بهذا الرأي فإنه، رغم كل شيء، أَوْجَهُ من ذلك التفسير البهلواني الذي يدّعى كاتب سفر "نبوءة دانيال" في العهد القديم أن دانيال قد فسَّر به حلم الملك البابلي حين رأى في منامه كتابة مرسومة ليس لها معنّى هذا نصّها: "مَنَا مَنَا تَقِلْ وفَرْسِين"، إذ قال له: "مَنَا أي أحصى الله ملكك وأنهاه. تَقِلْ، أي وُزِنْتَ في الميزان فوُجِدْتَ ناقصاً. فَرِسْ، أي قُسِمَتْ مملكتك ودُفِعْتَ إلى ماداى وفارس". ترى أيمكن أن يدخل في رُوع أحد أن يهودياً منفياً في مملكة ذلك العاهل يمكن أن يجبهه بهذا الكلام الفظيع؟ وأدهى من ذلك وأطمّ أن يدّعى كاتب السفر أن الملك، من إعجابه بهذا التفسير، قد ألبسه الأرجوان وطوّق عنقه بالذهب! إن هذا لهو المستحيل بعينه، إذ لو صحت الرواية لما كان رد فعل الملك شيئاً آخر غير تطيير رقبة اليهودي بالسيق في التوّ واللحظة! على أن المسرحية لمَّا تكتمل فصولاً، إذ تمضي فتقول إن الملك البابلي قد قُتِل في الليلة ذاتها وانتقل ملكه فعلاً إلى الملك