ما كان من يحيى بن زكريا» قال: ثم دلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده إلى الأرض، فأخذ عوداً صغيراً، ثم قال:
«وذلك أنّه لم يكن له ما للرّجال إلا مثل هذا العود، ولذاك سماه الله سيداً وحصوراً» وقال سعيد بن المسيب: كان له كالنواة.
والثاني: أنه كان لا ينزل الماء، قاله ابن عباس والضحاك. والثالث: أنه كان لا يشتهي النساء، قاله الحسن وقتادة والسدي. والرابع: أنه كان يمنع نفسه من شهواتها، ذكره الماوردي «١».
قوله تعالى: وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ قال ابن الأنباري: معناه: من الصّالحي الحال عند الله.
[سورة آل عمران (٣) : آية ٤٠]
قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠)
قوله تعالى: قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ أي كيف يكون؟!. قال الكميت:
أنى ومن أينَ آبَكَ الطرب «٢» قال العلماء، منهم الحسن، وابن الأنباري، وابن كيسان: كأنه قال: من أي وجه يكون لي الولد؟
أيكون بازالة العقر عن زوجتي، وردّ شبابي؟ أم يأتي ونحن على حالنا؟ فكان ذلك على سبيل الاستعلام، لا على وجه الشك، قال الزجاج: يقال: غلام بيّن الغلوميَّة، وبين الغلاميَّة، وبين الغلومة.
قال شيخنا أبو منصور اللغوي: الغلام: فعال، من الغُلمة، وهي شدة شهوة النكاح، ويقال للكهل:
غلام. قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج:
غلام إِذا هزَّ القناة سقاها «٣» وكأن قولهم للكهل: غلام، أي: قد كان مرة غلاماً. وقولهم للطفل: غلام على معنى التفاؤل، أي: سيصير غلاماً. قال: وقيل: الغلام الطار الشارب، ويقال للجارية: غلامة. قال الشاعر «٤» :
يهان لها الغلامة والغلام قوله تعالى: وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ أي: وقد بلغت الكبر، قال الزجاج: كل شيء بلغته فقد بلغك. وفي سنة يومئذ ستة أقوال: أحدها: أنه كان ابن مائة وعشرين سنة، وامرأته بنت ثمان وتسعين، قاله ابن عباس. والثاني: أنه كان ابن بضع وسبعين سنة، قاله قتادة. والثالث: ابن خمس وسبعين، قاله
(٢) صدره: من حيث لا صبوة ولا ريب.
(٣) صدره: شفاها من الداء العضال الذي بها.
(٤) هو أوس بن غلفاء الهجيمي. وصدر بيته: ومركضة صريحيّ أبوها.