ألا لا يجهلن أحدٌ علينا | فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا |
قوله: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ. فيه أربعة أقوال: أحدها: يمكِّن لهم، قاله ابن مسعود.
والثاني: يملي لهم، قاله ابن عباس. والثالث: يزيدهم، قاله مجاهد. والرابع: يمهلهم، قاله الزجاج.
والطغيان: الزيادة على القدر، والخروج عن حيز الاعتدال في الكثرة، يقال: طغى البحر: إذا هاجت أمواجه، وطغى السيل: إذا جاء بماء كثير. وفي المراد بطغيانهم قولان: أحدهما: أنه كفرهم، قاله الجمهور. والثاني: أنه عتوهم وتكبرهم، قاله ابن قتيبة.
ويَعْمَهُونَ بمعنى: يتحيرون، يقال: رجل عمه وعامه، أي: متحير. قال الراجز «٢» :
ومَخْفَقٍ من لُهلُهٍ ولُهْلُهِ | من مهمه يجتنبه في مهمه |
[سورة البقرة (٢) : آية ١٦]
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦)
قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى. في نزولها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها نزلت في جميع الكفار، قاله ابن مسعود، وابن عباس. والثاني: أنها في أهل الكتاب، قاله قتادة والسدي ومقاتل. والثالث: أنها في المنافقين، قاله مجاهد.
واشْتَرَوُا: بمعنى استبدلوا، والعرب تجعل من آثر شيئاً على شيء مشترياً له، وبائعا للآخر.
والضلالة والضلال بمعنى واحد. وفيهما للمفسّرين ثلاثة أقوال: أحدها: أن المراد بها ها هنا الكفر، والمراد بالهدى: الإيمان، روي عن الحسن وقتادة والسدي. والثاني: أنها الشك، والهدى: اليقين.
والثالث: أنها الجهل، والهدى: العلم. وفي كيفية استبدالهم الضلالة بالهدى ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم آمنوا ثم كفروا، قاله مجاهد. والثاني: أن اليهود آمنوا بالنبي قبل مبعثه، فلما بعث كفروا به، قاله مقاتل. والثالث: أن الكفار لما بلغهم ما جاء به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الهدى فردوه واختاروا الضلال، كانوا كمن أبدل شيئا بشيء، ذكره شيخنا علي بن عبيد الله.
(١) الدخان: ٤٩.
(٢) هو رؤبة بن العجّاج.
(٣) المخفق: الأرض الواسعة المستوية التي يضطرب فيها السراب. واللهله: الأرض الواسعة أيضا. والمهمه:
المفازة المقفرة.
(٢) هو رؤبة بن العجّاج.
(٣) المخفق: الأرض الواسعة المستوية التي يضطرب فيها السراب. واللهله: الأرض الواسعة أيضا. والمهمه:
المفازة المقفرة.