والثاني: أنها ترجع إلى الدين والنبي. فالمعنى: يعرفون الإسلام أنّه دين الله عزّ وجلّ، وأن محمداً رسول الله، قاله قتادة. والثالث: أنها ترجع إلى القرآن. فالمعنى: يعرفون الكتاب الدال على صدقه ذكره الماوردي.
وفي الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ قولان: أحدهما: أنهم مشركو مكة. والثاني: كفّار أهل الكتابين.
[سورة الأنعام (٦) : آية ٢١]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١)
قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أي: اختلق على الله الكذب في ادعاء شريك معه.
وفي «آياته» قولان: أحدهما: أنها محمد والقرآن، قاله ابن السائب. والثاني: القرآن، قاله مقاتل.
والمراد بالظلم المذكور في هذه الآية: الشّرك.
[سورة الأنعام (٦) : آية ٢٢]
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢)
قوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً انتصب «اليوم» بمحذوف تقديره: واذكر يوم نحشرهم. قال ابن جرير: والمعنى: لا يفلحون اليوم، ولا يوم نحشرهم. وقرأ يعقوب: «يحشرهم» «ثم يقول» بالياء فيهما. وفي الذين عني قولان: أحدهما: المسلمون والمشركون. والثاني: العابدون والمعبودون.
وقوله: أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ سؤال توبيخ. والمراد بشركائهم: الأوثان وإِنما أضافها إليهم لأنّهم زعموا أنّها شركاء لله. وفي معنى تَزْعُمُونَ قولان: أحدهما: يزعمون أنهم شركاء مع الله. والثاني: يزعمون أنها تشفع لهم.
[سورة الأنعام (٦) : آية ٢٣]
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)
قوله تعالى: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم: «ثم لم تكن» بالتاء، «فتنتُهم» بالرفع. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم: «تكن» بالتاء أيضا، «فتنتَهم» بالنصب وقد رُويت عن ابن كثير ايضاً. وقرأ حمزة، والكسائي: «يكن» بالياء، «فتنتَهم» بالنصب. وفي «الفتنة» أربعة أقوال «١» : أحدها: أنها بمعنى الكلام والقول. قال ابن عباس، والضحاك: لم يكن كلامُهُم. والثاني: أنها المعذرة. قال قتادة، وابن زيد: لم تكن معذرتهم. قال ابن الأنباري: فالمعنى:
اعتذروا بما هو مُهْلِكٌ لهم، وسبب لفضيحتهم. والثالث: أنها بمعنى البلية. قال عطاء الخراساني: لم تكن بليتهم. وقال ابو عبيد: لم تكن بليتهم التي ألزمتهم الحجة، وزادتهم لائمة. والرابع: أنها بمعنى الافتتان. والمعنى: لم تكن عاقبة فتنتهم.
قال الزجاج: لم يكن افتتانهم بشركهم، وإقامتهم عليه، إلا أن تبرؤوا منه. ومثل ذلك في اللغة