البيت، بيدي مفتاحه، ولو أشاء بتُّ فيه. وقال العباس: أنا صاحب السقاية، والقائم عليها، ولو أشاء بتُّ في المسجد. وقال علي: ما أدري ما تقولون، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فنزلت هذه الآية، قاله الحسن، والشعبي، والقرظي.
(٦٧٦) والخامس: أنهم لما أُمروا بالهجرة قال العباس: أنا أسقي الحاج، وقال طلحة: أنا صاحب الكعبة فلا نهاجر، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، قاله مجاهد.
(٦٧٧) والسادس: أن علياً قال للعباس: ألا تلحق بالنبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألستُ في أفضلَ من الهجرة، ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام؟ فنزلت هذه الآية والتي بعدها، قاله مُرَّة الهَمْداني، وابن سيرين.
قال الزجاج: ومعنى الآية: أجعلتم أهل سقاية الحاج وأهل عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله؟
فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. قال الحسن: كان يُنبذ زبيبٌ، فيسقُون الحاج في الموسم.
وقال ابن عباس: عمارة المسجد: تجميره، وتخليقه، فأخبر الله أن أفعالهم تلك لا تنفعهم مع الشرك، وسماهم ظالمين لشركهم.
قوله تعالى: أَعْظَمُ دَرَجَةً قال الزجاج: هو منصوب على التمييز. والمعنى: أعظم من غيرهم درجة. والفائز: الذي يظفر بأمنيته من الخير. فأما النعيم، فهو لين العيش. والمقيم: الدّائم.
[سورة التوبة (٩) : آية ٢٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣)
قوله تعالى: لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ في سبب نزولها خمسة أقوال:
(٦٧٨) أحدها: أنه لما أُمر المسلمون بالهجرة، جعل الرجل يقول لأهله: إنا قد أُمرنا بالهجرة، فمنهم من يسرع إلى ذلك، ومنهم من يتعلق به عياله وزوجته فيقولون: نَنْشُدك الله أن تدعنا إلى غير شيء، فيرقُّ قلبه فيجلس معهم، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
(٦٧٩) والثاني: أنه لما أمر الله المؤمنين بالهجرة، قال المسلمون: يا نبي الله، إن نحن اعتزلنا مَنْ خالفنا في الدين، قطعنا آباءنا وعشائرنا، وذهبت تجارتنا، وخربت ديارنا، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك عن ابن عباس.

٤٩٤ عن الحسن والشعبي والقرظي، فهذه الروايات تتأيد بمجموعها وانظر ما يأتي. وانظر تفسير «ابن كثير» ٢/ ٤٢٤.
مرسل. أخرجه الطبري ١٦٥٨٢ عن مجاهد فهو ضعيف ويشهد لأصله ما قبله.
أخرجه الفريابي كما في «الدر» ٣/ ٣٩٥ عن ابن سيرين. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٩٥ عن ابن سيرين ومرّة بدون إسناد وانظر ما قبله.
عزاه المصنف لابن عباس من رواية أبي صالح، وهي رواية ساقطة لأن روايه عن أبي صالح هو الكلبي، وقد كذبه غير واحد. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٩٦ عن الكلبي مرسلا بدون إسناد.
عزاه المصنف لابن عباس من رواية الضحاك، وهو لم يسمع من ابن عباس، ورواية الضحاك هو جويبر بن سعيد ذاك المتروك، فالخبر لا شيء.


الصفحة التالية
Icon