(٧٠١) قال أنس بن مالك: أمر الله عزّ وجلّ شجرة فنبتت في وجه رسول الله ﷺ فسترته، وأمر العنكبوت فنسجت في وجهه، وأمر حمامتين وحشيتين فوقعتا في فم الغار، فلما دنوا من الغار، عَجِل بعضهم لينظر، فرأى حمامتين، فرجع فقال: رأيت حمامتين على فم الغار، فعلمت أنه ليس فيه أحد.
(٧٠٢) وقال مقاتل: جاء القائف فنظر إلى الأقدام فقال: هذه قدم ابن أبي قحافة، والأخرى لا أعرفها، إلا أنها تشبه القدم التي في المقام. وصاحبه في هذه الآية أبو بكر.
(٧٠٣) وكان أبو بكر قد بكى لما مرَّ المشركون على باب الغار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» ؟
وفي السكينة ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الرحمة، قاله ابن عباس. والثاني: الوقار، قاله قتادة.
والثالث: السكون والطمأنينة، قاله ابن قتيبة، وهو أصح. وفي هاء «عليه» ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ترجع إلى أبي بكر، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وحبيب بن أبي ثابت. واحتجَ من نصر هذا القول بأن النبيّ ﷺ كان مطمئناً. والثاني: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل. والثالث: أنّ الهاء ها هنا في معنى تثنية، والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما، فاكتفى باعادة الذِّكر على أحدهما من إعادته عليهما، كقوله تعالى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ «١»، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى: وَأَيَّدَهُ أي: قوّاه، يعني النبيّ ﷺ بلا خلاف. بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وهم الملائكة. ومتى كان ذلك؟ فيه قولان: أحدهما: يوم بدر، ويوم الأحزاب، ويوم حنين، قاله ابن عباس. والثاني: لما كان في الغار، صَرفت الملائكة وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته، قاله الزجاج.
فان قيل: إذا وقع الاتفاق أن هاء الكناية في «أيده» ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف تفارقها هاء «عليه» وهما متفقان في نظم الكلام؟
فالجواب: أن كل حرف يُردُّ إلى الأليق به، والسكينة إنما يَحتاج إليها المنزعج، ولم يكن النبيّ ﷺ منزعجاً. فأما التأييد بالملائكة، فلم يكن إلا للنبيّ ﷺ ونظير هذا قوله تعالى: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ «٢» يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم، وَتُسَبِّحُوهُ يعني الله عزّ وجلّ.

أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٢٢٩ عن أبي مصعب المكي عن أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة. وفي سنده ضعيف ومجهول. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٦/ ٥٢- ٥٣ وقال: رواه البزار والطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم.
عزاه المصنف لمقاتل، وهو ممن يضع الحديث، والخبر باطل.
كون أبي بكر بكى في الغار لم أقف عليه، والذي في «الصحيحين» أن أبا بكر بكى لما تبعهما سراقة.
والمرفوع من هذا الحديث صحيح، أخرجه البخاري ٣٦٥٣ و ٣٩٢٢ ومسلم ٢٣٨١ وابن أبي شيبة ١٢/ ٧ وأحمد ١/ ٤ وابن سعد ٣/ ١٧٣ و ١٧٤ والترمذي ٣٠٩٦ وأبو يعلى ٦٧ وابن حبان ٦٢٧٨ عن أنس: أن أبا بكر حدثهم قال: قلت للنبي ﷺ ونحن في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا، فقال: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما».
__________
(١) سورة التوبة: ٦٢.
(٢) سورة الفتح: ٨.


الصفحة التالية
Icon