ممن يَقبل، فقال: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ قال ابن قتيبة: الباء واللام زائدتان والمعنى: يصدِّق اللهَ ويصدِّقُ المؤمنين. وقال الزجاج: يسمع ما ينزِّله الله عليه، فيصدِّق به، ويصدِّق المؤمنين فيما يخبرونه به. وَرَحْمَةٌ أي: وهو رحمة، لأنه كان سبب إيمان المؤمنين. وقرأ حمزة «ورحمةٍ» بالخفض. قال أبو علي: المعنى: أُذُنُ خيرٍ ورحمة. والمعنى: مستمعُ خيرٍ ورحمةٍ.
[سورة التوبة (٩) : آية ٦٢]
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)
قوله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ.
(٧١٤) قال ابن السائب: نزلت في جماعة من المنافقين تخلفوا عن غزوة تبوك، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم، أتوا المؤمنين يعتذرون إليهم، ويحلفون ويعتلّون. وقال مقاتل: منهم عبد الله بن أُبيّ، حلف لا يتخلّف عن رسول الله ﷺ ولَيكونَنَّ معه على عدوِّه.
وقد ذكرنا في الآية التي قبلها أنهم حلفوا أنهم ما نطقوا بالعيب. وحكى الزجاج عن بعض النحويين أنه قال: اللام في: «ليرضوكم» بمعنى القسم، والمعنى: يحلفون بالله لكم لنرضينَّكم. قال:
وهذا خطأ، لأنّهم حلفوا أنهم ما قالوا ما حكي عنهم ليُرضُوا باليمين، ولم يحلفوا أنهم يُرضُون في المستقبل. قلت: وقول مقاتل يؤكد ما أنكره الزجاج، وقد مال إليه الأخفش.
قوله تعالى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ فيه قولان: أحدهما: بالتوبة والإِنابة. والثاني: بترك الطعن والعيب. فان قيل: لم قال: «يُرضُوه» ولم يقل: يرضوهما؟ فقد شرحنا هذا عند قوله تعالى:
وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ «١».
[سورة التوبة (٩) : آية ٦٣]
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (٦٣)
قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا روى أبو زيد عن المفضل «ألم تعلموا» بالتاء. أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ فيه قولان: أحدهما: من يخالف الله، قاله ابن عباس. والثاني: من يعاد الله، كقولك: من يُجانِبِ الله ورسوله، أي: يكون في حدٍّ، واللهُ ورسولُه في حدٍّ.
قوله تعالى: فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ قرأ الجمهور: «فأن» بفتح الهمزة، وقرأ أبو رزين، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: بكسرها، فمن كسر، فعلى الاستئناف بعد الفاء، كما تقول: فله نار جهنم.
ودخلت «إِنّ» مؤكدة. ومن قال: «فأَنَّ له» فانما أعاد «أنَّ» الأولى توكيداً لأنه لما طال الكلام، كان إعادتها أوكد.
[سورة التوبة (٩) : آية ٦٤]
يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤)

عزاه المصنف للكلبي، وهو ممن يضع الحديث فالخبر لا شيء.
__________
(١) سورة التوبة: ٣٤.


الصفحة التالية
Icon