قوله تعالى: وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ قال ابن عباس: يريد نمرود بن كنعان وَأَصْحابِ مَدْيَنَ يعني قوم شعيب وَالْمُؤْتَفِكاتِ قرى لوط. قال الزجاج: وهم جمع مؤتفكة، ائتفكت بهم الأرض، أي:
انقلبت. قال: ويقال إنَّهم جميع من أُهلك، كما يقال للهالك: انقلبت عليه الدنيا. قوله تعالى:
أَتَتْهُمْ يعني هذه الأمم رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فكذَّبوا بها فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ قال ابن عباس:
ليهلكم حتى يبعث فيهم نبياً ينذرهم، والمعنى أنهم أهلكوا باستحقاقهم.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧١ الى ٧٢]
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)
قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ أي: بعضهم يوالي بعضاً، فهم يد واحدة، يأمرون بالإيمان، وينهون عن الكفر.
قوله تعالى: فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ قال أبو عبيدة: في جنات خُلْد، يقال: عَدَن فلان بأرض كذا، أي: أقام ومنه: المْعِدنُ، وهو في مَعْدِن صدق، أي: في أصل ثابت. قال الأعشى:

وإن تَستضيفوا إلى حِلْمه تُضافوا إلى راجح قد عَدَن «١»
أي: رزين لا يُستخف. قال ابن عباس: جنات عدن، هي بُطنان الجنة، وبُطنانها: وسطها، وهي أعلى درجة في الجنة، وهي دار الرّحمن عزّ وجلّ، وسقفها عرشه، خلقها بيده، وفيها عين التسنيم، والجنان حولها محدقة بها.
قوله تعالى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ قال ابن عباس: أكبر مما يوصف. وقال الزجاج: أكبر مما هم فيه من النعيم. فان قيل: لم كان الرضوان أكبر من النعيم؟ فعنه جوابان: أحدهما: أن سرور القلب برضى الرب نعيم يختص بالقلب، وذاك أكبر من نعيم الأكل والشرب.
(٧٢٤) وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: «يقول الله عزّ وجلّ لأهل الجنة: يا أهل الجنة، هل رضيتم؟ فيقولون: ربّنا وما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك! فيقول: أفلا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أُحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم أبدا».
صحيح. أخرجه البخاري ٧٥١٨ ومسلم ٢٨٢٩ وابن حبان ٧٤٤٠ وابن مندة ٨٢٠ وأبو نعيم في «الحلية» ٦/ ٣٤٢ وفي «صفة الجنة» ٢٨٢ والبيهقي في «البعث» ٤٤٥ من طرق عن ابن وهب عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري به.
- وأخرجه البخاري ٦٥٤٩ ومسلم ٢٨٢٩ والترمذي ٢٥٥٥ وأحمد ٣/ ٨٨ وابن مندة ٨٢٠ والبيهقي في «البعث» ٤٤٥ من طريق ابن المبارك عن مالك من حديث أبي سعيد الخدري.
__________
(١) البيت منسوب إلى الأعشى في ديوانه: ١٧ و «اللسان» : وزن. استضاف إليه: لجأ إليه عند الحاجة.


الصفحة التالية
Icon