حقّه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارزق ثعلبة مالاً»، فاتخذ غنماً، فنمت، فضاقت عليه المدينة، فتنحَّى عنها، ونزل وادياً من أوديتها، حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة، ويترك ما سواهما. ثم نَمت، حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، ثم نمت، فترك الجمعة. فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُخبر خبره، فقال: «يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة»، وأنزل الله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً «١» وأنزل فرائض الصدقة فبعث رسول الله رجلين على الصدقة، وكتب لهما كتاباً يأخذان الصدقة، وقال:
«مُرّا بثعلبة، وبفلان» رجل من بني سُليم، فخرجا حتى أتيا ثعلبة، فسألاه الصدقة، وأقرآه كتاب رسول الله ﷺ فقال: ما هذا إلا جزية، ما هذه إلا أُخت الجزية، ما أدري ما هذا، انطلقا حتى تفرغا ثم تعودا إليَّ. فانطلقا فأُخبر السُلَميّ، فاستقبلهما بخيار ماله، فقالا: لا يجب هذا عليك فقال: خذاه، فان نفسي بذلك طيبة فأخذا منه. فلما فرغا من صدقتهما، مرّا بثعلبة، فقال: أروني كتابكما، فقال: ما هذه إلا أُخت الجزية، انطلقا حتى أرى رأيي، فانطلقا، فأخبرا رسول الله ﷺ بما كان، فنزلت هذه الآية إلى قوله تعالى: وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ، وكان عند رسول الله ﷺ رجل من أقارب ثعلبة، فخرج إلى ثعلبة، فأخبره فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله أن يقبل منه صدقته، فقال: «إن الله قد منعني أن أقبل صدقتك» فجعل يحثو التراب على رأسه. فقال: «هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني». فرجع إلى منزله، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقبل منه شيئاً، فلما ولي أبو بكر، سأله أن يقبل منه، فأبى، فلما ولي عمر، سأله أن يقبل منه، فأبى، فلما ولي عثمان، سأله أن يقبلها فقال: لم يقبلها رسول الله ﷺ ولا أبو بكر ولا عمر، فلم يقبلها وهلك ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عنه. روى هذا الحديث القاسم عن أبي أمامة الباهلي.
(٧٣٤) وقال ابن عباس: مرّ ثعلبة على مجلس، فأشهدهم على نفسه: لئن آتاني الله من فضله، آتيت كل ذي حق حقه، وفعلت كذا وكذا. فآتاه الله من فضله، فأخلف ما وعد فقص الله علينا شأنه.
(٧٣٥) والثاني: أن رجلاً من بني عمرو بن عوف، كان له مال بالشام، فأبطأ عنه، فجُهد له جُهداً شديداً، فحلف بالله لئن آتانا من فضله، أي: من ذلك المال، لأصَّدقَّن منه، ولأصِلَنَّ، فأتاه ذلك المال، فلم يفعل، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس: قال ابن السائب:
والرجل حاطب بن أبي بلتعة.
(٧٣٦) والثالث: أن ثعلبة ومُعتِّب بن قُشير، خرجا على ملأٍ، فقالا: والله لئن رزقنا الله لنصَّدَّقنَّ. فلما رزقهما، بخلا به، فنزلت هذه الآية، قاله الحسن، ومجاهد.
عزاه المصنف لابن عباس من رواية الكلبي عن أبي صالح، وهي رواية ساقطة، فالخبر لا شيء.
أخرجه الطبري ٧٠٠٥ عن الحسن مرسلا. وكرره ١٧٠٠٦ و ١٧٠٠٧ عن مجاهد لكن ليس فيه ذكر القائل وهو أصح.
__________
(١) سورة التوبة: ٩.