قوله تعالى: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ قال مقاتل: حلف منهم بضعة وثمانون رجلاً، منهم جَدّ بن قيس، ومُعتِّب بن قشير. قوله تعالى: لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فيه قولان: أحدهما: لتصفحوا عن ذنبهم.
والثاني: لأجل إعراضكم. وقد شرحنا في (المائدة) معنى الرّجس.
[سورة التوبة (٩) : آية ٩٦]
يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٩٦)
قوله تعالى: يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ (٧٤٨) قال مقاتل: حلف عبد الله بن أُبيّ للنبي ﷺ لا أتخلف عنك، ولأكونَنَّ معك على عدوِّك وطلب منه أن يرضى عنه، وحلف عبد الله بن سعد بن أبي سرح لعمر بن الخطّاب، وجعلوا يترضّون النبيّ ﷺ وأصحابه، وكان رسول الله ﷺ قال لما قدم المدينة: لا تجالسوهم ولا تكلّموهم».
[سورة التوبة (٩) : آية ٩٧]
الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧)
قوله تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً قال ابن عباس: نزلت في أعاريب أسد وغطفان وأعراب من حول المدينة، أخبر الله أن كفرهم ونفاقهم أشد من كفر أهل المدينة، لأنهم أقسى وأجفى من أهل الحضر. قوله تعالى: وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا قال الزجاج: «أن» في موضع نصب، لأن الباء محذوفة من «أن»، المعنى: أجدر بترك العلم. تقول: جدير أن تفعل، وجدير بأن تفعل، كما تقول: أنت خليق بأن تفعل، أي: هذا الفعل ميسَّر فيك فاذا حذفت الباء لم يصلح إلا ب «أن»، وإن أتيت بالباء، صلح ب «أن» وغيرها، فتقول: أنت جدير بأن تقوم وجدير بالقيام. فاذا قلت: أنت جديرٌ القيامَ، كان خطأً، وإنما صلح مع «أن» لأن «أن» تدل على الاستقبال، فكأنها عوض من المحذوف. فأما قوله تعالى:
حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ فيعني به الحلال والحرام والفرائض. وقيل: المراد بالآية أن الأعم في العرب هذا.
[سورة التوبة (٩) : آية ٩٨]
وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٩٨)
قوله تعالى: وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ إذا خرج في الغزو، وقيل: ما يدفعه من الصدقة مَغْرَماً لأنه لا يرجو له ثواباً. قال ابن قتيبة: المغرم: هو الغُرم والخُسر. وقال ابن فارس: الغُرم:
ما يلزم أداؤه، والغرام: اللازم، وسمي الغريم لإلحاحه. وقال غيره: وفي الالتزام ما لا يلزم. قوله تعالى: وَيَتَرَبَّصُ أي: وينتظر بِكُمُ الدَّوائِرَ أي: دوائر الزمان بالمكروه، بالموت، أو القتل، أو الهزيمة. وقيل: ينتظر موت الرسول ﷺ وظهور المشركين.
قوله تعالى: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو بضم السين. وقرأ نافع، وعاصم وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «السّوء» بفتح السين وكذلك قرءوا في سورة (الفتح) «١»، والمعنى:

عزاه المصنف لمقاتل، وهو متهم بالكذب، فالخبر لا شيء.
__________
(١) سورة الفتح: ٦.


الصفحة التالية
Icon