قوله تعالى: إِخْواناً منصوب على الحال، والمعنى: أنهم متوادّون.
فإن قيل: كيف نصب «إِخواناً» على الحال، فأوجب ذلك أن التآخي وقع من نزع الغِلِّ وقد كان التآخي بينهم في الدنيا؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال: ما مضى من التآخي قد كان تشوبه ضغائن وشحناء، وهذا التآخي بينهم الموجودُ عند نزع الغِلِّ هو تآخي المصافاة والإِخلاص، ويجوز أن ينتصب على المدح، المعنى: اذكر إِخواناً. فأما السرر، فجمع سرير، قال ابن عباس: على سرر من ذهب مكلَّلة بالزبرجد والدُّرِّ والياقوت، السرير مثل ما بين عدن إِلى أيلة «١»، مُتَقابِلِينَ لا يرى بعضهم قفا بعض، حيثما التفت رأى وجهاً يحبه يقابله.
قوله تعالى: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ أي: لا يصيبهم في الجنة إعياء وتعب.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٤٩ الى ٥٣]
نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠) وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣)
قوله تعالى: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
(٨٤٧) سبب نزولها ما روى ابن المبارك بإسناد له عن رجل من أصحاب رسول الله ﷺ قال:
طلع علينا رسول الله ﷺ من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة، ونحن نضحك، فقال: «ألا أراكم تضحكون؟» ثم أدبر، حتى إِذا كان عند الحِجر، رجع إِلينا القهقرى، فقال: «إِني لمَّا خرجت، جاء جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، يقول الله تعالى: لم تقنّط عبادي؟ نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم».
وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو بتحريك ياء «عباديَ» وياء «أنيَ أنا»، وأسكنها الباقون.
قوله تعالى: وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) قد شرحنا القصة في (هود) «٢» وبيَّنَّا هنالك معنى الضيف والسبب في خوفه منهم، وذكرنا معنى الوَجَل في (الأنفال) «٣».
قوله تعالى: بِغُلامٍ عَلِيمٍ أي: إِنه يبلغ ويعلم.
فالخبر ضعيف الإسناد، والمتن منكر بهذا اللفظ.
__________
(١) أيلة: اسم مدينة على شاطئ البحر من بلاد الشام بين الفسطاط ومكة.
(٢) عند الآية: ٦٩.
(٣) عند الآية: ٧.