فأثَّتْ أعَالِيْهِ وآدَتْ أصُوْلُه وَمَالَ بِقِنْيانٍ من البُسْرِ أحْمَرَا «١»
ويجتمعون جميعاً، فيقولون: «قِنو» و «قُنو» ولا يقولون: «قِني» ولا «قُني» وكلب تقول: «ومال بقنيان». قلت: هذا البيت لامرئ القيس رواه أبو سعيد السكري: «ومال بِقِنوان» مكسورة القاف مع الواو، ففيه أربع لغات: قِنوان، وقُنوان، وقنيان، وقنيان و «أثّت» : كثرت ومنه: شعر أثيث.
و «آدت» : اشتدت. وقال ابن قتيبة: القنوان: عذوق النخل، واحدها: قنو، جمع على لفظ تثنية ومثله: صنو وصنوان في التثنية، وصنوان في الجميع. وقال الزجاج: قِنوان: جمع قِنو، وإذا ثنيته فهما قِنوان، بكسر النون. ودانية، أي: قريبة المتناول، ولم يقل: «ومنها قنوان بعيدة» لأن في الكلام دليلاً أن البعيدة السحيقة قد كانت غير سحيقة، فاجتزئ بذكر القريبة عن ذكر البعيدة كقوله تعالى:
سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ «٢». وقال ابن عباس: القُنوان الدانية: قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض.
قوله تعالى: وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ قال الزجاج: هو نسق على قوله: «خضراً» وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ المعنى: وأخرجنا منه شجر الزيتون والرمان وقد روى أبو زيد عن المفضّل: «وجنات» بالرفع.
قوله تعالى: مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: مشتبها في المنظر وغير متشابه في الطعم، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: مشتبهاً ورقه، مختلفاً ثمره، قاله قتادة، وهو في معنى الأول. والثالث: منه ما يشبه بعضه بعضاً، ومنه ما يخالف. قال الزجاج: وإنما قرن الزيتون بالرمان، لأنهما شجرتان تعرف العرب أن ورقهما يشتمل على الغصن من أوله إلى آخره. قال الشاعر.
بُورِكَ الميّت الغَريبُ كما بو رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ «٣»
ومعناه: أن البركة في ورقه اشتمالُه على عوده كلِّه.
قوله تعالى: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم:
انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ، وكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ، ولِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ: بالفتح في ذلك. وقرأ حمزة.
والكسائي، وخلف: بالضّمّ فيهنّ. قال الزّجّاج: يقال: ثمرة، ثمر، وثِمَار، وثُمُر فمن قرأ: «إلى ثُمُره» بالضم أراد جمع الجمع. وقال أبو علي: يحتمل وجهين: أحدهما: هذا، وهو أن يكون الثمر جمع ثمار، والثاني: أن تكون الثمر جمع ثمرة، وكذلك: أكمة، وأُكُم، وخشبة وخُشُب. قال الفراء:
يقول: انظروا إليه أول ما يَعْقِد، وانظروا إلى ينعه، وهو نضجه وبلوغه. وأهل الحجاز يقولون: يَنْعَ، بفتح الياء، وبعض أهل نجد يضمونها. قال ابن قتيبة: يقال: ينَعت الثّمر، وأينعت: إذا أدركت، وهو اليُنْع واليَنْع. وقرأ الحسن، ومجاهد، وقتادة، والأعمش، وابن محصن: «ويُنعِه» بضم الياء. قال الزجاج: الينع: النُضج. قال الشاعر:
(١) البيت لامرئ القيس. ديوانه ٦٧. «اللسان» قنا. وقوله: أثت أعاليه: عظمت والتفت من ثقل حملها. وقوله:
آدت أي تثنت ومالت.
(٢) سورة النحل: ٨١.
(٣) البيت منسوب إلى أبي طالب بن عبد المطلب «اللسان» نضح.


الصفحة التالية
Icon