آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ قرأ الجمهور: «ردماً آتوني» أي: أعطوني. وروى أبو بكر عن عاصم: «ردم ائتوني» بكسر التنوين، أي: جيئوني بها. قال ابن عباس: احملوها إِليَّ. وقال مقاتل: أعطوني. وقال الفرّار:
المعنى: ائتوني بها، فلما ألقيت الياء زيدت ألف. فأما الزُّبُر، فهي: القِطَع، واحدتها: زُبْرَة والمعنى:
فأَتَوه بها فبناه، حَتَّى إِذا ساوى وروى أبان «إِذا سوَّى» بتشديد الواو من غير ألف. قال الفراء: ساوى وسوَّى سواء. واختلف القراء في الصَّدَفَيْنِ فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: «الصُّدُفَين» بضم الصاد والدال، وهي: لغة حِمْيَر. وروى أبو بكر والمفضل عن عاصم: «الصُّدْفين» بضم الصاد وتسكين الدال. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف، بفتح الصاد والدال جميعاً، وهي لغة تميم، واختارها ثعلب. وقرأ أبو مجلز، وأبو رجاء وابن يعمر: «الصَّدُفين» بفتح الصاد ورفع الدال. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو عمران، والزهري، والجحدري برفع الصاد وفتح الدال. قال ابن الأنباري: ويقال: صُدَف، على مثال نُغَر، وكل هذه لغات في الكلمة. قال أبو عبيدة: الصَّدَفان: جَنْبا الجبل. قال الأزهري يقال لجانبي الجبل: صَدَفان، إِذا تحاذيا، لتصادفهما، أي: لتلاقيهما. قال المفسرون: حشا ما بين الجبلين بالحديد، ونسج بين طبقات الحديد الحطب والفحم، ووضع عليها المنافيخ، ثم قالَ انْفُخُوا فنفخوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ يعني: الحديد، وقيل: الهاء ترجع إِلى ما بين الصدفين ناراً أي: كالنار، لأن الحديد إِذا أحمي بالفحم والمنافيخ صار كالنار، قالَ آتُونِي قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: «آتوني» ممدودة، والمعنى: أعطوني، وقرأ حمزة، وأبو بكر عن عاصم: «ائتوني» مقصورة والمعنى: جيئوني به أُفرغه عليه.
وفي القِطْر أربعة أقوال: أحدها: أنه النحاس، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والفراء، والزجاج. والثاني: أنه الحديد الذائب، قاله أبو عبيدة. والثالث: الصُّفْر المُذاب، قاله مقاتل. والرابع:
الرصاص، حكاه ابن الأنباري. قال المفسرون: أذاب القِطْر ثم صبَّه عليه، فاختلط والتصق بعضه ببعض حتى صار جبلاً صلداً من حديد وقِطْر. قال قتادة: فهو كالبرد المحبر، طريقة سوداء وطريقة حمراء. قوله تعالى: فَمَا اسْطاعُوا أصله: فما «استطاعوا» فلما كانت التاء والطاء من مخرج واحد أحبُّوا التخفيف فحذفوا. قال ابن الأنباري: إِنما تقول العرب: اسطاع، تخفيفاً، كما قالوا: سوف يقوم، أو سو يقوم، فأسقطوا الفاء. قوله تعالى: أَنْ يَظْهَرُوهُ أي: يعلوه يقال: ظهر فلان فوق البيت: إِذا علاه، والمعنى: ما قدروا أن يعلوه لارتفاعه وامِّلاسه وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً من أسفله، لشدته وصلابته.
(٩٤٤) وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «إِن يأجوج ومأجوج ليَحفرون السدَّ كل يوم،