تعالى: غَفُوراً رَحِيماً، أخرجه مسلم من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(١٠٥٦) والثالث: أن وحشيّا أتى النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: يا محمد أتيتك مستجيراً فأجِرني حتَى أسمع كلام الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: قد كنت أُحِبُّ أن أراك على غير جوار، فأما إِذا أتيتَني مستجيراً فأنت في جواري حتى تَسمع كلام الله، قال: فإنِّي أشركت بالله وقتلتُ النَّفْس التي حرَّم الله وزنيتُ، فهل يقبل الله مني توبة؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى نزلت هذه الآية، فتلاها عليه، فقال: أرى شرطاً، فلعلِّي لا أعمل صالحاً، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله، فنزل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ، فدعاه فتلاها عليه، فقال: ولعلِّي ممن لا يشاء، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله، فنزلت: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الآية «١»، فقال: نعم، الآن لا أرى شرطاً، فأسلم، رواه عطاء عن ابن عباس وهذا وحشيّ هو قاتل حمزة وفي هذا الحديث المذكور عنه نظر، وهو بعيد الصحّة، والمحفوظ في إِسلامه غير هذا، وأنه قَدِم مع رسل الطّائف فأسلم من غير اشتراط.
وقوله تعالى: يَدْعُونَ معناه: يَعْبُدون. وقد سبق بيان قتل النفس بالحق في الأنعام «٢».
قوله تعالى: يَلْقَ أَثاماً وقرأ سعيد بن جبير، وأبو المتوكل: «يُلَقَّ» برفع الياء وفتح اللام وتشديد القاف مفتوحة. قال ابن عباس: يَلْقَ جزاءً. وقال مجاهد، وعكرمة: هو وادٍ في جهنم. وقال ابن قتيبة: يَلْقَ عقوبة، وأنشد:
جَزَى اللهُ ابنَ عُرْوَةَ حيْثُ أمْسَى | عُقُوقاً والعُقُوق لَهُ أثام «٣» |
مَتَى تَأتِنَا تُلْمِمْ بنا في دِيارِنا | تَجِدْ حَطَباً جزْلاً وناراً تَأجَّجَا |
__________
(١) الزمر: ٥٣.
(٢) الأنعام: ١٥١.
(٣) البيت لبلعاء بن قيس الكناني كما في «غريب القرآن» ٣١٥. ونسبه في «اللسان» - أثم- إلى شافع الليثي.
والعقوق: عدم بر الوالدين وقطع صلتهما.