معبد، وقال عمر: أَمِّرِ الأقرعَ بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردتَ إِلا خِلافي، وقال عمر: ما أردتُ خلافَك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى قوله: وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا، فما كان عمرُ يسْمِع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، رواه عبد الله بن الزبير.
(١٣٠٥) والثاني: أن قوماً ذَبحوا قبل أن يصلّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم النّحر، فأمرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يعيدوا الذّبح، فنزلت هذه الآية، قاله الحسن.
(١٣٠٦) والثالث: أنها نزلت في قوم كانوا يقولون: لو أنزَلَ اللهُ فِيَّ كذا وكذا! فكَرِه اللهُ ذلك، وقدَّم فيه، قاله قتادة.
(١٣٠٧) والرابع: أنها نزلت في عمرو بن أميّة الضّمْري، وكان قد قتل رجُلين من بني سليم قبل أن يستأذن رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم، قاله ابن السائب.
وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لا تقولوا خلاف الكتاب والسّنّة. وروى العوفيّ عنه قال: نهوا أن يتكلمَّوا بين يَدَيْ كلامه، وروي عن عائشة رضي الله عنها في هذه الآية قالت: لا تصوموا قبل أن يصومَ نبيُّكم. ومعنى الآية على جميع الأقوال «١» : لا تعجلوا بقول أو فعل قبل أن يقول رسول

يوسف به. وأخرجه البخاري ٤٨٤٧ والنسائي ٨/ ٢٢٦ وفي «التفسير» ٥٣٤ والواحدي في «أسباب النزول» ٧٥٢ من طريق الحسن بن محمد عن حجاج بن محمد عن ابن جريج به. وأخرجه الترمذي ٣٢٦٢ والطبري ٣١٦٧٣ من طريق مؤمن بن إسماعيل عن نافع عن عمر بن جميل عن ابن أبي مليكه به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب حسن، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مليكة- مرسلا، ولم يذكر عن عبد الله بن الزبير.
ضعيف جدا. أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٢٩٢٣ عن الحسن مرسلا، وفيه انقطاع بين معمر والحسن، ومع ذلك مراسيل الحسن واهية كما هو مقرر عند علماء هذا الفن. وأخرجه الطبري ٣١٦٦٠ و ٣١٦٦١ عن الحسن أيضا والصحيح في ذلك ما رواه البخاري وقد تقدم. فائدة: قال الزمخشري رحمه الله في «الكشاف» ٤/ ٣٥٣: وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، إلا أن تزول الشمس. وعند الشافعي يجوز الذبح إذا مضى من الوقت مقدار الصلاة. وقد تقدم الكلام عليه في سورة الحج.
أخرجه الطبري ٣١٦٦١ عن قتادة مرسلا، والمرسل من قسم الضعيف.
عزاه المصنف لابن السائب الكلبي، وهو متروك متهم بالوضع. والقول الأول هو الراجح.
__________
(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٤/ ٢٤٢: هذه آداب أدّب الله بها عباده المؤمنين فيما يعاملون به الرسول صلّى الله عليه وسلّم من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الآية، أي لا تسرعوا في الأشياء بين يديه أي قبله، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور. وقال ابن العربي رحمه الله في «أحكام القرآن» ٤/ ١٤٤: إذا قلنا إنها نزلت في تقديم الطاعات على أوقاتها فهو صحيح، لأن كل عبادة مؤقتة بميقات لا يجوز تقديمها عليه، كالصلاة والصوم والحج، وذلك بين، إلا أن العلماء اختلفوا في الزكاة لما كانت عبادة مالية، وكانت مطلوبة لمعنى مفهوم، وهو سد خلّة الفقير، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم استعجل من العباس صدقة عامين، ولما جاء من جمع صدقة الفطر قبل يوم الفطر حتى تعطى لمستحقها يوم الوجوب، وهو يوم الفطر، فاقتضى ذلك كله جواز تقديمها. وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز تقديمها لعام ولاثنين. فإن جاء رأس العام والنصاب بحاله وقعت موقعها، وإن جاء رأس الحول وقد تغير النصاب تبين أنها صدقة تطوع. وقال أشهب: لا يجوز تقديمها على الحول لحظة، كالصلاة، وكأنه طرد الأصل في العبادات فرأى أنها إحدى دعائم الإسلام، فوفّاها حقّها في النظام وحسن الترتيب. ورأى سائر علمائنا أن التقديم اليسير فيها جائز، لأنه معفو عنه في الشرع، بخلاف الكثير. وما قاله أشهب أصح، فإن مفارقة اليسير الكثير في أصول الشريعة صحيح، ولكنه لمعان تختص باليسير دون الكثير، فأما في مسألتنا فاليوم فيه كالشهر والشهر كالسنة، فإما تقديم كلي كما قال أبو حنيفة والشافعي، وإما حفظ العبادة وقصرها على ميقاتها كما قال أشهب وغيره، وذلك يقوى في النظر، والله أعلم. [.....]


الصفحة التالية
Icon