وفي معنى هذا الخطاب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه مخاطبة للواحد بلفظ الخطاب للاثنين، قال الفراء:
والعرب تأمر الواحد والقوم بأمر الاثنين، فيقولون للرجُل: ويلك ارحلاها وازجُراها، سمعتها من العرب، وأنشدني بعضهم:
فقُلْتُ لِصَاحِبِي لا تَحْبِسانا | بِنَزْعِ أُصُولِهِ واجْتَزَّ شِيحا «١» |
فإن تزجراني يا ابن عَفَّان أَنْزَجِرْ | وإِنْ تَدَعَانِي أَحْمِ عِرْضاً مُمَنَّّعا |
خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي على أُمِّ جُنْدَبٍ | نُقَضِّي لبانات الفؤاد المعذّب «٢» |
ألم تر أنّي كُلمَّا جِئْتُ طارِقاً | وَجَدْتُ بها طِيباً وإِنْ لَمْ تَطَيَّبِ |
و «العنيد» قد فسرناه في هود «٣».
قوله تعالى: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ في المراد بالخير هاهنا ثلاثة أقوال: أحدها: الزكاة المفروضة، قاله قتادة. والثاني: أنه الإسلام، يمنع الناس من الدُّخول فيه، قاله الضحاك، ومقاتل، وذكر أنها نزلت في الوليد بن المغيرة، منع بني أخيه عن الإسلام. والثالث: أنه عامٌّ في كل خير من قول أو فعل، حكاه الماوردي. قوله تعالى: مُعْتَدٍ أي: ظالم لا يُقِرُّ بالتوحيد مُرِيبٍ أي: شاكّ في الحق، من قولهم:
أرابَ الرجُلُ: إذا صار ذا رَيْب. قوله تعالى: قالَ قَرِينُهُ فيه قولان: أحدهما: شيطانه، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والجمهور. وفي الكلام اختصار تقديره: إن الإنسان ادّعى على قرينه من الشياطين أنه أضلَّه فقال: رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ أي لم يكن لي قُوَّة على إضلاله بالإكراه، وإنما طغى هو بضلاله. والثاني:
أنه الملَك الذي كان يكتُب السَّيِّئات. ثم فيما يدَّعيه الكافرُ على الملَك قولان: أحدهما: أنه يقول: زاد عليَّ فيما كتب، فيقول الملَك: ما أطغيتُه، أي ما زدتُ عليه، قاله سعيد بن جبير. والثاني: أنه يقول:
كان يُعْجِلني عن التَّوبة، فيقول: ربَّنا ما أطغيتُه، هذا قول الفراء.
قوله تعالى: وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ أي: بعيد من الهدى، فيقول الله تعالى:
(١) البيت لمضرس بن ربعي الأسدي وهو في «مشكل القرآن» ٢٢٤ و «اللسان» جزز.
واجتزّ: قطع، والشيح: نبت سهلي من الفصيلة المركبة وهو كثير الأنواع ترعاه الماشية.
(٢) في «المعجم الوسيط» اللبان: جمع اللبانة: الحاجة من غير فاقة ولكن من نهمة.
(٣) هود: ٥٩.
واجتزّ: قطع، والشيح: نبت سهلي من الفصيلة المركبة وهو كثير الأنواع ترعاه الماشية.
(٢) في «المعجم الوسيط» اللبان: جمع اللبانة: الحاجة من غير فاقة ولكن من نهمة.
(٣) هود: ٥٩.