المفسرون: المعنى: فعليهم، أو فكفارتهم تحرير رقبة «١»، أي: عتقها. وهل يشترط أن تكون مؤمنة؟
فيه عن أحمد روايتان. قوله عزّ وجلّ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وهو: كناية عن الجماع، على أن العلماء قد اختلفوا هل يباح للمظاهر الاستمتاع باللمس والقبلة؟ وعن أحمد روايتان. وقال أبو الحسن الأخفش: تقدير الآية: والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة لما قالوا ثم يعودون إلى نسائهم.
فصل: إذا وطئ المظَاهِرُ قبل أن يكفِّر أَثِمَ، واستقرَّت الكفارة، وقال أبو حنيفة: يسقط الظهار والكفارة. واختلف العلماء فيما يجب عليه إِذا فعل ذلك، فقال الحسن، وسعيد بن المسيّب، وطاوس، ومجاهد وإبراهيم، وابن سيرين: عليه كفارة واحدة، وقال الزهري، وقتادة في آخرين: عليه كفارتان.
فإن قال: أنت عليَّ كظهر أمي اليوم، بطل الظهار بمضيِّ اليوم، هذا قول أصحابنا وأبي حنيفة، والثوري، والشافعي، وقال ابن أبي ليلى، ومالك، والحسن بن صالح: هو مظاهر أبداً. واختلفوا في الظهار من الأمة، فقال ابن عباس: ليس من الأمة ظهار، وبه قال سعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وقال سعيد بن جبير، وطاوس، وعطاء، والأوزاعي، والثوري، ومالك: هو ظهار. ونقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: لا يكون مظاهرا من أمته، ولكن يلزمه كفارة الظهار، كما قال في المرأة إِذا ظاهرت من زوجها لم تكن مظاهرة، وتلزمها كفّارة الظّهار. واختلفوا فيمن قال: أنت عليّ كظهر أبي، فقال مالك: هو مظاهر، وهو قول أصحابنا، وقال أبو حنيفة والشّافعيّ: لا يكون مظاهرا. واختلفوا فيمن ظاهر مراراً، فقال أبو حنيفة، والشافعي: إن كان في مجالس، فكفارات، وإن كان في مجلس واحد، فكفارة: قال القاضي أبو يعلى: وعلى قول أصحابنا يلزمه كفارة واحدة، سواء كان في مجلس واحد، أو في مجالس، ما لم يكفِّر، وهذا قول مالك.
قوله عزّ وجلّ: ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ قال الزجاج: ذلكم التغليظ توعظون به. والمعنى: أن غِلَظَ الكفارة وَعْظٌ لكم حتى تتركوا الظّهار. قوله عزّ وجلّ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ يعني: الرقبة فَصِيامُ شَهْرَيْنِ أي: فعليه صيام شهرين «٢» مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الصيام فكفّارته إطعام سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ أي: الفرض ذلك الذي وصفنا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أي: تصدِّقوا بأنَّ الله أمر بذلك، وتصدِّقوا بما أتى به الرسولُ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يعني: ما وصفه الله من الكفَّارات في الظِّهار وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ قال ابن عباس: لمن جحد هذا وكذّب به.
قلنا: وكذلك الكفارة ليست مقصودة لنفسها، وإنما تراد لحل المسيس، فإذا احتيج إلى المسيس اعتبرت الحالة المذكورة فيها.
(٢) قال ابن العربي رحمه الله في «أحكام القرآن» ٤/ ١٩٧: يقتضي أن الوطء للزوجة في ليل الظهار يبطل الكفارة، لأن الله سبحانه شرط في كفارة الظهار فعلها قبل التماس.