سأكلِّفه مشقةً من العذاب لا راحة له منها. وقال ابن قتيبة: «الصَّعود» : العقبة الشاقة، وكذلك «الكؤود».
(١٥٠٠) وفي حديث أبي سعيد عن نبيّ الله صلّى الله عليه وسلم في قوله عزّ وجلّ: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً قال: جبل من نار يكلَّف أن يصعده، فإذا وضع يده عليه ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت وإذا رفعها عادت. يصعد سبعين خريفاً، ثم يهوي فيه كذلك أبداً.
(١٥٠١) وذكر ابن السائب أنه جبل من صخرة ملساء في النار، يكلَّف أن يصعَدها حتى إِذا بلغ أعلاها أحدر إلى أسفلها، ثم يكلَّف أن يصعَدها، فذلك دأبه أبدا، يجذب من أمامه بسلاسل الحديد، ويضرب من خلفه بمقامع الحديد، فيصعدها في أربعين سنة.
قوله تعالى: إِنَّهُ فَكَّرَ أي: تفكر ماذا يقول في القرآن وَقَدَّرَ القول في نفسه فَقُتِلَ أي:
لعن كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ أي: لُعِن على أيّ حال قدَّر من الكلام. وقيل: «كيف» هاهنا بمعنى التعجب والإنكار والتوبيخ. فإنما كرر تأكيداً ثُمَّ نَظَرَ في طلب ما يدفع به القرآن، ويردُّه ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ قال اللغويون: أي: كَرَّهَ وَجْهَهُ وقطَّب. يقال: بسر الرجل وجهه، إذا قبضه. وأنشدوا لتَوْبَةَ:
وقَدْ رَابَني مِنْها صُدُودٌ رَأَيْتُهُ | وَإِعْرَاضُها عن حَاجتي وبُسُورُها «١» |
يُروى عن السَّحَرة إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ أي: من كلام الإنس، وليس من كلام الله تعالى، فقال الله تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ أي: سأدخله النار. وقد ذكرنا «سقر» في سورة القمر «٢»، قوله: وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لِعِظَم شَأْنِها لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ أي: لا تبقي لهم لحماً إلا أكلته، ولا تذرهم إذا أُعيدوا فيها خلقاً جديداً لَوَّاحَةٌ أي: مغيِّرة يقال: لاحته الشمس، أي: غيّرته. وأنشدوا:
وقال ابن كثير: وفيه غرابة ونكارة، قلت: إسناده ضعيف لضعف درّاج في روايته عن أبي الهيثم، وتابعه عطية عند الطبري ٣٥٤١٢ وعطية ضعيف، والحديث صححه الحاكم! وسكت الذهبي، ولعل سبب سكوت الذهبي عليه هو كون الحديث في مقام الترهيب، وقد تساهل أهل العلم في ذلك والله أعلم.
وانظر «فتح القدير» ٢٦٠٧ بتخريجنا ولله الحمد والمنة.
عزاه المصنف لابن السائب، وهو الكلبي، وقد كذّبه غير واحد، وهو ساقط الرواية.
__________
(١) البيت لتوبة بن الحميّر، وهو في «مجاز القرآن» ٢/ ٢٧٥. و «الأغاني» ١٠/ ٢٧٢.
(٢) القمر: ٤٨.