وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى من الضلالة، يعني التوراة وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ بعد موسى، وهو التوراة أيضا في قول الأكثرين، وقال ابن السائب: التوراة والإنجيل والزَّبور، والذِّكرى بمعنى التذكير. فَاصْبِرْ على أذاهم إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ في نصرك، وهذه الآية في هذه السّورة في موضعين «١»، وقد ذكروا أنها منسوخة بآية السيف. ومعنى «سَبّح» : صَلِّ. وفي المراد بصلاة العشيّ والإبكارِ ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الصلوات الخمس، قاله ابن عباس. والثاني: صلاة الغداة وصلاة العصر، قاله قتادة. والثالث: أنها صلاة كانت قبل أن تُفرض الصلوات، ركعتان غُدوةً، وركعتان عشيَّةً، قاله الحسن.
وما بعد هذا قد تقدم آنفا «٢» إلى قوله: إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ الآية، نزلت في قريش والمعنى: ما يَحْمِلُهم على تكذيبك إلاّ ما في صدورهم من التكبُّر عليك، وما هم ببالغي مقتضى ذلك الكِبْر، لأن الله تعالى مُذِلُّهم، فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من شرِّهم ثم نبَّه على قدرته بقوله: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ أي: من إعادتهم، وذلك لكثرة أجزائها وعظم جِرْمها، فنبَّههم على قُدرته على إعادة الخَلْق. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يعني الكفار حين لا يستدلّون بذلك على

(١) غافر: ٥٥، ٧٧.
(٢) غافر: ٤.


الصفحة التالية
Icon