ويفتحونها: لانفرادها، وانقطاعها يضمر فيها: من معنى النداء. حتى صارت عندهم معنى «كذلك فعل الله».
وقد أجازوا أيضا «آمين» مطوّلة الألف. وحكوها عن قوم فصحاء.
وأصلها: «يا أمين» بمعنى: يا الله. ثم تحذف همزة «أمين» استخفافا لكثرة ما تجري هذه الكلمة على ألسنة الناس. ومخرجها مخرج «آزيد».
يريد: يا زيد. و «آراكب» يريد: يا راكب. وقد سمعنا من فصحاء العرب: «آخبيث»، يريدون: يا خبيث.
وفي ذلك قول آخر، يقال: إنما مدت الألف فيها، ليطول بها الصوت. كما قالوا: أوه» مقصورة الألف، ثم قالوا: «آوه» [ممدودة].
يريدون تطويل الصوت بالشكاية. وقالوا: «سقط على حاق رأسه»، أي:
على حقّ رأسه. وكذلك «آمين» : أرادوا تطويل الصوت بالدعاء.
وهذا أعجب إليّ.
وأما قول العباس بن عبد المطّلب «١»، في مدح رسول الله صلّى الله عليه وآله سلم:

حتى احتوى بيتك المهيمن من خندف، علياء تحتها النّطق
فإنه أراد: حتى احتويت- يا مهيمن- من خنف علياء، فأقام البيت مقامه: لأن بيته إذا حلّ بهذا المكان، فقد حل هو به. وهو كما يقال: بيته أعزّ بيت. وإنما يراد: صاحبه. قال النابغة:
(١) هو العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلّى الله عليه وآله سلم وأبو الخلفاء العباسيين حسن بلاؤه يوم حنين، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يكرمه ويجله وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده، وكان صيتا ينادي غلمانه من سلع وهم بالغابة فيسمعونه وذلك على ثمانية أميال وكان موته أول رمضان سنة إثنتين وثلاثين عن ست وثمانية سنة وصلى عليه عثمان رضي الله عنه.
(انظر شذرات الذهب ص ٣٨ ج ١).


الصفحة التالية
Icon