سورة الأعراف
هِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا ثَمَانِ آيَاتٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ إِلَى قَوْلِهِ: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ «١». وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الضَّرِيسِ، وَالنَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سُورَةُ الْأَعْرَافِ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: قَالَ: آيَةٌ مِنَ الْأَعْرَافِ مدنية، وهي وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ «٢» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَسَائِرُهَا مَكِّيَّةٌ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ يُفَرِّقُهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ. وَآيَاتُهَا مِائَتَانِ وَسِتُّ آيَاتٍ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١ الى ٧]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (٣) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤)فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ (٧)
قَوْلُهُ: المص قَدْ تَقَدَّمَ فِي فَاتِحَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَا يُغْنِي عَنِ الْإِعَادَةِ، وَهُوَ: إِمَّا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ كِتَابٌ، أَيْ: المص حُرُوفُ كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ أَوْ هُوَ: خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا المص أَيِ الْمُسَمَّى بِهِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْفَوَاتِحُ مَسْرُودَةً عَلَى نَمَطِ التَّعْدِيدِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ، وَكِتَابٌ: خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَلَى الثَّانِي، أَيْ: هُوَ كِتَابٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَيْ: هَذَا كِتَابٌ، وَأُنْزِلَ إِلَيْكَ صِفَةٌ لَهُ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ الْحَرَجُ: الضِّيقُ، أَيْ: لَا يَكُنْ فِي صَدْرِك ضِيقٌ مِنْهُ مِنْ إِبْلَاغِهِ إِلَى النَّاسِ مَخَافَةَ أَنْ يُكَذِّبُوكَ وَيُؤْذُوكَ فَإِنَّ اللَّهَ حَافِظُكَ وَنَاصِرُكَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ: لَا يَضِقْ صَدْرُكَ حَيْثُ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: الْحَرَجُ هُنَا: الشَّكُّ، لِأَنَّ الشَّاكَّ ضَيِّقُ الصَّدْرِ، أَيْ: لَا تَشُكَّ فِي أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَعَلَى هَذَا يكون النهي له صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنْ بَابِ التَّعْرِيضِ، وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ، أَيْ: لَا يَشُكَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ إِلَى الْكِتَابِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: مِنْ إِبْلَاغِهِ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ التَّقْدِيرُ، مِنْ إِنْزَالِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي لِتُنْذِرَ بِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْكِتَابِ أَيْ: لِتُنْذِرَ النَّاسَ بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأُنْزِلَ، أَيْ: أُنْزِلَ إِلَيْكَ لإنذارك
(٢). الأعراف: ١٦٣.