الْمُرَاوَدَةُ الْإِرَادَةُ وَالطَّلَبُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، وَقِيلَ: هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الرَّوْدِ: أَيِ الرِّفْقِ وَالتَّأَنِّي، يُقَالُ: أَرْوِدْنِي:
أَمْهِلْنِي وَقِيلَ الْمُرَاوَدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ رَادَ يَرُودُ إِذَا جَاءَ وَذَهَبَ، كَأَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّهَا فَعَلَتْ فِي مُرَاوَدَتِهَا لَهُ فِعْلَ الْمُخَادِعِ، وَمِنْهُ الرَّائِدُ لِمَنْ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَالْكَلَأَ، وَقَدْ يُخَصُّ بِمُحَاوَلَةِ الْوِقَاعِ، فَيُقَالُ: رَاوَدَ فُلَانٌ جَارِيَتَهُ عَنْ نَفْسِهَا وَرَاوَدَتْهُ هِيَ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا حَاوَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْوَطْءَ وَالْجِمَاعَ، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ، وَأَصْلُهَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَجُعِلَ السَّبَبُ هُنَا فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ قَائِمًا مَقَامَ الْمُسَبَّبِ، فَكَأَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا كَانَ مَا أُعْطِيَهُ مِنْ كَمَالِ الْخَلْقِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْحُسْنِ سَبَبًا لِمُرَاوَدَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ لَهُ مُرَاوِدٌ. وَإِنَّمَا قَالَ: الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها وَلَمْ يَقُلِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ، وَزُلَيْخَا، قَصْدًا إِلَى زِيَادَةِ التَّقْرِيرِ مَعَ اسْتِهْجَانِ التَّصْرِيحِ بِاسْمِ الْمَرْأَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى السَّتْرِ عَلَيْهَا وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ قِيلَ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْثِيرِ، فَيُقَالُ: غَلَّقَ الْأَبْوَابَ، وَلَا يُقَالُ: غَلَقَ الْبَابَ، بَلْ يُقَالُ: أَغْلَقَ الْبَابَ، وَقَدْ يُقَالُ: أَغْلَقَ الْأَبْوَابَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ فِي أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ:
| مَا زِلْتُ أَغْلِقُ أَبْوَابًا وَأَفْتَحُهَا | حَتَّى أَتَيْتَ أَبَا عَمْرِو بْنِ عَمَّارِ |
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا تَنَطَّعُوا فِي الْقِرَاءَةِ، فَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ قَوْلِ أَحَدِكُمْ هَلُمَّ وَتَعَالَ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ النَّحْوِيُّ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ التَّاءِ. وَقَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ هَيْتَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّ التَّاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
| لَيْسَ قَوْمِي بِالْأَبْعَدِينَ إِذَا مَا | قَالَ دَاعٍ مِنَ الْعَشِيرَةِ هَيْتَ |