فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ فَهِيَ جِذْعٌ، وَمَعْنَى إِلَيْكِ: إِلَى جِهَتِكِ، وَأَصْلُ تَسَّاقَطُ تَتَسَاقَطُ فَأُدْغِمَ التَّاءُ فِي السِّينِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْأَعْمَشُ تُساقِطْ مُخَفَّفًا. وَقَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ وَالْحَسَنُ بِضَمِّ التَّاءِ مَعَ التَّخْفِيفِ وَكَسْرِ الْقَافِ. وَقُرِئَ تَتَسَاقَطْ بِإِظْهَارِ التَّاءَيْنِ. وَقُرِئَ بِالتَّحْتِيَّةِ مَعَ تَشْدِيدِ السِّينِ. وَقُرِئَ تَسْقُطُ، وَيَسْقُطُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِإِدْغَامِ التَّاءِ فِي السِّينِ، فَمَنْ قَرَأَ بِالْفَوْقِيَّةِ جَعَلَ الضَّمِيرَ لِلنَّخْلَةِ، وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّحْتِيَّةِ جَعَلَ الضَّمِيرَ لِلْجِذْعِ وَانْتِصَابُ رُطَباً عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ لِلتَّمْيِيزِ، وعلى البعض الآخر على المفعولية لتساقط. قَالَ الْمُبَرِّدُ وَالْأَخْفَشُ: يَجُوزُ انْتِصَابُ رُطَبًا بِهُزِّي، أَيْ: هُزِّي إِلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا بِجِذْعِ النَّخْلَةِ، أَيْ: عَلَى جِذْعِهَا، وَضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَالْجَنِيُّ: الْمَأْخُوذُ طَرِيًّا، وَقِيلَ: هُوَ مَا طُلِبَ وَصَلُحَ لِلِاجْتِنَاءِ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْجَنِيُّ وَالْمَجْنِيُّ وَاحِدٌ. وَقِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ، أَيْ:
رُطَبًا طَرِيًّا طَيِّبًا فَكُلِي وَاشْرَبِي أَيْ: مِنْ ذَلِكَ الرُّطَبِ وَذَلِكَ الْمَاءِ، أَوْ مِنَ الرُّطَبِ وَعَصِيرِهِ، وَقَدَّمَ الْأَكْلَ مَعَ أَنَّ ذِكْرَ النَّهْرِ مُقَدَّمٌ عَلَى الرُّطَبِ لِأَنَّ احْتِيَاجَ النُّفَسَاءِ إِلَى أَكْلِ الرُّطَبِ أَشَدُّ مِنِ احْتِيَاجِهَا إِلَى شُرْبِ الْمَاءِ.
ثُمَّ قَالَ: وَقَرِّي عَيْناً قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْقَافِ. وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ قُرِئَ بِكَسْرِهَا، قَالَ: وَهِيَ لُغَةُ نَجْدٍ. وَالْمَعْنَى: طِيبِي نَفْسًا وَارْفُضِي عَنْكِ الْحُزْنَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَرِّ وَالْقُرَّةِ وَهُمَا الْبَرْدُ، وَالْمَسْرُورُ بَارِدُ الْقَلْبِ سَاكِنُ الْجَوَارِحِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَقَرِّي عَيْنًا بِرُؤْيَةِ الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَكِ. وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: مَعْنَاهُ نَامِي.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، أَيْ: أَنَامَ عَيْنَهُ وَأَذْهَبَ سَهَرَهُ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً أصله ترأيين، مِثْلَ تَسْمَعِينَ، خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ وَسَقَطَتِ النُّونُ لِلْجَزْمِ وَيَاءُ الضَّمِيرِ لِلسَّاكِنَيْنِ بَعْدَ لُحُوقِ نُونِ التَّوْكِيدِ، وَمِثْلُ هَذَا مَعَ عَدَمِ لُحُوقِ نُونِ التَّوْكِيدِ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ:
إِمَّا تَرَيْ رَأْسِيَ حَاكِي لَوْنُهُ | طُرَّةَ صُبْحٍ تَحْتَ أَذْيَالِ الدُّجَى |
وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ «إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا صَمْتًا» بِالْجَمْعِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ: «صَوْمًا وَصَمْتًا» بِالْوَاوِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الصَّوْمَ هُنَا الصَّمْتُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا وَمَعْنَى الصَّوْمِ فِي اللُّغَةِ أَوْسَعُ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ مُمْسِكٍ عَنْ طَعَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ سَيْرٍ فَهُوَ صَائِمٌ. وَقِرَاءَةُ أُبَيٍّ تَدَلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّوْمِ هُنَا الصَّمْتُ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلصَّوْمِ. وَقِرَاءَةُ أَنَسٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ هُنَا غَيْرُ الصَّمْتِ كَمَا تُفِيدُهُ الْوَاوُ. وَمَعْنَى فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا أَنَّهَا لَا تُكَلِّمُ أَحَدًا مِنَ الْإِنْسِ بَعْدَ إِخْبَارِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ، بَلْ إِنَّمَا تُكَلِّمُ الْمَلَائِكَةَ وَتُنَاجِي رَبَّهَا وَقِيلَ: إِنَّهَا لَمْ تُخْبِرْهُمْ هُنَا بِاللَّفْظِ، بَلْ بِالْإِشَارَةِ الْمُفِيدَةِ لِلنَّذْرِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا
قال: مكانا أظلتها الشَّمْسَ أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي