الْآيَةِ قَالَ: أَمْرِي وَمَشِيئَتِي وَمِنْهَاجِي. وَأَخْرَجَا عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: عَلى بَصِيرَةٍ أَيْ: عَلَى هدى أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٠٩ الى ١١١]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)
قَوْلُهُ: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا هَذَا رَدٌّ عَلَى من قال: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ أَيْ:
لَمْ نَبْعَثْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَى مَنْ قَبْلَهُمْ إِلَّا رِجَالًا لَا مَلَائِكَةً، فَكَيْفَ يُنْكِرُونَ إِرْسَالَنَا إِيَّاكَ. وَتَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا مِنَ النِّسَاءِ وَلَا مِنَ الْجِنِّ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ فِي النِّسَاءِ أَرْبَعَ نَبِيَّاتٍ: حَوَّاءَ، وَآسِيَةَ، وَأُمَّ مُوسَى، وَمَرْيَمَ. وَقَدْ كَانَ بَعْثَةُ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ أَمْرًا مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ، حَتَّى قَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ فِي سَجَاحِ الْمُتَنَبِّئَةِ:
| أَضْحَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نَطِيفُ بِهَا | وَأَصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ ذُكْرَانَا |
| فَلَعْنَةُ اللَّهِ وَالْأَقْوَامُ كُلُّهُمُ | عَلَى سَجَاحٍ وَمَنْ بِاللَّوْمِ أَغْرَانَا |
وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ وَقَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ أَفَلا تَعْقِلُونَ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ هَذِهِ الْغَايَةُ لِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَتَقْدِيرُهُ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَّا رِجَالًا، وَلَمْ نُعَاجِلْ أُمَمَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ بالعقوبة حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِنَ النَّصْرِ بِعُقُوبَةِ قَوْمِهِمْ، أَوْ حَتَّى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِنْ إِيمَانِ قَوْمِهِمْ لِانْهِمَاكِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا. قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَحْيَى بْنُ وثّاب والأعمش وخلف «كُذِبُوا» بالتخفيف،