وَرَسُولَهُ، وَأَحَبَّ أَهْلَ بَيْتِي صَادِقًا غَيْرَ كَاذِبٍ، وَأَحَبَّ الْمُؤْمِنِينَ شَاهِدًا وَغَائِبًا، أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ يَتَحَابُّونَ».
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: طُوبى لَهُمْ قَالَ: فَرَحٌ وَقُرَّةُ عَيْنٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: طُوبى لَهُمْ قَالَ: نِعْمَ مَا لَهُمْ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ نَحْوُ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنَ الْأَقْوَالِ، وَالْأَرْجَحُ تَفْسِيرُ الْآيَةِ بِمَا رُوِيَ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبيهقي عن عتبة ابن عَبْدٍ قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ فَاكِهَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ فِيهَا شَجَرَةٌ تُدْعَى طُوبَى» الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِمَنْ رَآكَ وَآمَنَ بِكَ، قَالَ: طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَرَآنِي، ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي، فَقَالَ رَجُلٌ: وَمَا طُوبَى؟
قَالَ: شَجَرَةٌ في الجنة مسيرة مِائَةِ عَامٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا»
. وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ عَنِ السَّلَفِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مائة سنة، اقرءوا إن شئتم وَظِلٍّ مَمْدُودٍ «١» » وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: «إِنَّهَا شَجَرَةُ الْخُلْدِ». وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ وَحُسْنُ مَآبٍ قَالَ: حُسْنُ مُنْقَلَبٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ قُرَيْشًا كَتَبَ في الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم، قالت قُرَيْشٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَلَا نَعْرِفُهُ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَكْتُبُونَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: دَعْنَا نُقَاتِلْهُمْ، فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِ اكْتُبُوا كَمَا يُرِيدُونَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَحْوَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِلَيْهِ مَتابِ قَالَ: توبتي.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣١ الى ٣٥]
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣٢) أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (٣٤) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (٣٥)

(١). الواقعة: ٣٠.


الصفحة التالية
Icon