فِي مَحَلِّ رَفْعِ صِفَةٍ لِرَجُلٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، لِأَنَّ لَفْظَ رَجُلٍ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً فَقَدْ تَخَصَّصَ بقوله: من أقصى المدينة قالَ يَا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ أَيْ: يَتَشَاوَرُونَ فِي قَتْلِكَ وَيَتَآمَرُونَ بِسَبَبِكَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ. وَقَالَ أبو عبيد: يتشاورون فيك ليقتلوك: يعني أشراف قَوْمِ فِرْعَوْنَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: ائْتَمَرَ الْقَوْمُ وَتَآمَرُوا: أَيْ أَمَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ «١» قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
أَرَى النَّاسَ قَدْ أَحْدَثُوا شِيمَةً | وَفِي كُلِّ حَادِثَةٍ يُؤْتَمَرُ |
قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ سَلَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي تِلْقَاءَ مَدْيَنَ فِيهَا، انْتَهَى. يقال: دار تِلْقَاءَ دَارِ فُلَانٍ، وَأَصْلُهُ مِنَ اللِّقَاءِ، وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْقَرْيَةُ دَاخِلَةً تَحْتَ سُلْطَانِ فِرْعَوْنَ، وَلِهَذَا خَرَجَ إِلَيْهَا قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ أَيْ: يُرْشِدَنِي نَحْوَ الطَّرِيقِ الْمُسْتَوِيَةِ إِلَى مَدْيَنَ وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ أَيْ: وَصَلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَسْتَقُونَ مِنْهُ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ أَيْ: وَجَدَ عَلَى الْمَاءِ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ مَوَاشِيَهُمْ، وَلَفْظُ الْوُرُودِ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْمَوْرِدِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْبُلُوغِ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
فَلَمَّا وَرَدْنَا الماء زرقا حمامه «٢»
وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْوُرُودِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها «٣» وقيل: مدين اسم للقبيلة لا للقرية، وَهِيَ غَيْرُ مُنْصَرِفَةٍ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ أَيْ: مِنْ دُونِ النَّاسِ الَّذِينَ يَسْقُونَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجِهَةِ الَّتِي جَاءَ مِنْهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: فِي مَوْضِعٍ أَسْفَلَ مِنْهُمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ أَيْ: تَحْبِسَانِ أَغْنَامَهُمَا مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَفْرَغَ النَّاسُ وَيَخْلُوَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ، وَمَعْنَى الذَّوْدِ: الدَّفْعُ وَالْحَبْسُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أبيت على باب القوافي كأنّما | أذود سِرْبًا مِنَ الْوَحْشِ نُزَّعَا |
لَقَدْ سَلَبَتْ عَصَاكَ بَنُو تَمِيمٍ | فَمَا تَدْرِي بأيّ عصى تذود |
(١). الطلاق: ٦. [.....]
(٢). هو من المعلقة، وعجزه:
وضعن عصيّ الحاضر المتخيّم
(٣). مريم: ٧١.
(٢). هو من المعلقة، وعجزه:
وضعن عصيّ الحاضر المتخيّم
(٣). مريم: ٧١.