مُنَادٍ مَنْ كَانَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ مَرَّتَيْنِ، فَيَقُومُ مَنْ عَفَا عَنْ أَخِيهِ، قَالَ اللَّهُ فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ».
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٤٤ الى ٥٣]
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ (٤٨)
لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠) وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣)
قَوْلُهُ: وَتَرَى الظَّالِمِينَ أَيِ: الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ أَيْ: حِينَ نَظَرُوا النَّارَ، وَقِيلَ: نَظَرُوا مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ أَيْ: هَلْ إِلَى الرَّجْعَةِ إِلَى الدُّنْيَا مِنْ طَرِيقٍ وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ أَيْ: سَاكِنِينَ مُتَوَاضِعِينَ عِنْدَ أَنْ يُعْرَضُوا عَلَى النَّارِ لِمَا لَحِقَهُمْ مِنَ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ، وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهَا رَاجِعٌ إِلَى الْعَذَابِ وَأَنَّثَهُ لِأَنَّ الْعَذَابَ هُوَ النَّارُ وَقَوْلُهُ:
يُعْرَضُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ بَصَرِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ خَاشِعِينَ، وَمِنَ الذُّلِّ: يَتَعَلَّقُ بِخَاشِعِينَ، أَيْ: مِنْ أَجْلِهِ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ مِنْ: هِيَ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، أَيْ: يَبْتَدِئُ نَظَرُهُمْ إِلَى النَّارِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَبْعِيضِيَّةً، وَالطَّرْفُ الْخَفِيُّ: الَّذِي يُخْفَى نَظَرُهُ كَالْمَصْبُورِ يَنْظُرُ إِلَى السَّيْفِ لِمَا لَحِقَهُمْ مِنَ الذُّلِّ، وَالْخَوْفِ، وَالْوَجَلِ. قَالَ مُجَاهِدٌ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ أَيْ: ذَلِيلٍ، قَالَ: وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ بِقُلُوبِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ عُمْيًا، وَعَيْنُ الْقَلْبِ طَرْفٌ خِفِّيٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَالْقُرَظِيُّ: يُسَارِقُونَ النَّظَرَ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ. وَقَالَ يُونُسُ: إِنَّ مِنَ فِي مِنْ طَرْفٍ بِمَعْنَى الْبَاءِ، أَيْ: يَنْظُرُونَ بِطَرْفٍ ضَعِيفٍ مِنَ الذُّلِّ وَالْخَوْفِ وَبِهِ قَالَ الْأَخْفَشُ: وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي: إن الكاملين في الخسران: هم هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ خُسْرَانِ الْأَنْفُسِ وَالْأَهْلِينَ في يوم القيامة. أما خُسْرَانُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ فَلِكَوْنِهِمْ صَارُوا فِي النَّارِ مُعَذَّبِينَ بِهَا، وَأَمَّا خُسْرَانُهُمْ لِأَهْلِيهِمْ فَلِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مَعَهُمْ فِي النَّارِ فَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فِي الْجَنَّةِ فَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ، وَقِيلَ خُسْرَانُ الْأَهْلِ: أَنَّهُمْ لَوْ