وَقُمَاطِرٌ إِذَا كَانَ صَعْبًا شَدِيدًا، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
بَنِي عَمِّنَا هَلْ تَذْكُرُونَ بَلَاءَنَا | عَلَيْكُمْ إِذَا مَا كَانَ يَوْمَ قُمَاطِرَ |
فَفِرُّوا إِذَا مَا الْحَرْبُ ثَارَ غُبَارُهَا | وَلَجَّ بِهَا الْيَوْمُ الْعَبُوسُ الْقُمَاطِرُ |
بَنُو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة | وَمَنْ يَلْقَ مِنَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ يَهْرُبِ |
يغدو على الصّيد يعود مُنْكَسِرْ | وَيُقَمْطِرُ سَاعَةً وَيَكْفَهِرْ |
أَعْطَاهُمْ بَدَلَ الْعُبُوسِ فِي الْكُفَّارِ نَضْرَةً فِي الْوُجُوهِ وَسُرُورًا فِي الْقُلُوبِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: وَالنَّضْرَةُ: الْبَيَاضُ وَالنَّقَاءُ فِي وُجُوهِهِمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْحُسْنُ وَالْبَهَاءُ، وَقِيلَ: النَّضْرَةُ أَثَرُ النِّعْمَةِ. وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا أَيْ: بِسَبَبِ صَبْرِهِمْ عَلَى التَّكَالِيفِ، وَقِيلَ: عَلَى الْفَقْرِ، وَقِيلَ: عَلَى الْجُوعِ، وَقِيلَ: عَلَى الصَّوْمِ. وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ الصَّبْرُ عليه طاعة لله سبحانه، و «ما» مَصْدَرِيَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: بِصَبْرِهِمْ جَنَّةً وَحَرِيراً أَيْ: أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ وَأَلْبَسَهُمُ الْحَرِيرَ، وَهُوَ لِبَاسُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عِوَضًا عَنْ تَرْكِهِ فِي الدُّنْيَا امْتِثَالًا لِمَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مِنْ تَحْرِيمِهِ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَاتِ الْعُمُومُ فِي كُلِّ مَنْ خَافَ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَطْعَمَ لِوَجْهِ اللَّهِ وَخَافَ مِنْ عَذَابِهِ، وَالسَّبَبُ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا كَمَا سَيَأْتِي فَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَيَدْخُلُ سَبَبُ التَّنْزِيلِ تَحْتَ عُمُومِهَا دُخُولًا أَوَّلِيًّا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ قَالَ: كُلِّ إِنْسَانٍ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: أَمْشاجٍ قَالَ: أمشاجها: عروقها. وأخرج سعيد ابن مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَمْشاجٍ قَالَ: الْعُرُوقُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ قَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ حِينَ يَخْتَلِطَانِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ:
أَمْشاجٍ أَلْوَانٍ نُطْفَةُ الرَّجُلِ بَيْضَاءُ وَحَمْرَاءُ، وَنُطْفَةُ الْمَرْأَةِ خَضْرَاءُ وَحَمْرَاءُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عنه
(١). حذيفة بن أنس الهذلي.