أَيْ: مَنْصُوبٌ، وَلَيْلٌ نَائِمٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مِنْ مَاءٍ ذِي انْدِفَاقٍ، يُقَالُ: دَارِعٌ وَقَايِسٌ وَنَابِلٌ، أَيْ:
ذُو دِرْعٍ وَقَوْسٍ وَنَبْلٍ، وَأَرَادَ سُبْحَانَهُ مَاءَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَخْلُوقٌ مِنْهُمَا، لَكِنْ جَعَلَهُمَا مَاءً وَاحِدًا لِامْتِزَاجِهِمَا، ثُمَّ وَصَفَ هَذَا الْمَاءَ فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ أَيْ: صُلْبِ الرَّجُلِ، وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ، وَالتَّرَائِبُ: جَمْعُ تَرِيبَةٍ، وَهِيَ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ مِنَ الصَّدْرِ، وَالْوَلَدُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْمَاءَيْنِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ:
يَخْرُجُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَابْنُ مِقْسَمٍ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وَفِي الصُّلْبِ، وَهُوَ الظَّهْرُ، لُغَاتٌ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَقَرَأَ أَهْلُ مَكَّةَ بِضَمِّ الصَّادِ وَاللَّامِ. وَقَرَأَ الْيَمَانِيُّ بِفَتْحِهِمَا، وَيُقَالُ:
صَالِبٌ عَلَى وَزْنِ قَالِبٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَبَّاسِ بن عبد المطلب:
تنقل من صالب إِلَى رَحِمٍ «١»
فِي أَبْيَاتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي مَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ فِي هَذَا عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ «٢» وَقِيلَ: التَّرَائِبُ: مَا بَيْنَ الثَّدْيَيْنِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَرَائِبُ الْمَرْأَةِ: الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ الْجِيدُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ وَالصَّدْرِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ:
هِيَ الصَّدْرُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: هِيَ التَّرَاقِي. وَحَكَى الزَّجَّاجُ: أَنَّ التَّرَائِبَ عُصَارَةُ الْقَلْبِ، وَمِنْهُ يَكُونُ الْوَلَدُ، وَالْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أَنَّهَا عِظَامُ الصَّدْرِ وَالنَّحْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ:
فَإِنْ تُدْبِرُوا نَأْخُذْكُمْ فِي ظُهُورِكُمْ | وَإِنْ تُقْبِلُوا نَأْخُذْكُمْ فِي التَّرَائِبِ |
نِظَامُ دُرٍّ عَلَى تَرَائِبِهَا
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: التَّرِيبَةُ: وَاحِدَةُ التَّرَائِبِ، وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: جَمْعُ التَّرِيبَةِ تَرِيبٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُثَقَّبِ الْعَبْدِيِّ:
ومن ذهب يلوح عَلَى تَرِيبٍ | كَلَوْنِ الْعَاجِ لَيْسَ بِذِي غُضُونِ |
ترائبها مصقولة كالسّجنجل «٣»
ومحكي الزَّجَّاجُ: أَنَّ التَّرَائِبَ أَرْبَعُ أَضْلَاعٍ مِنْ يَمْنَةِ الصَّدْرِ، وَأَرْبَعُ أَضْلَاعٍ مِنْ يَسْرَةِ الصَّدْرِ. قَالَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: الْمَعْنَى وَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ الرَّجُلِ وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يأتي عن العرب يكون
(٢). النساء: ٢٣.
(٣). وصدر البيت: مهفهفة بيضاء غير مفاضة.