وَالشَّمْسِ، وَكَذَا: لَتُبْعَثُنَّ، وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ: لَيُدَمْدِمَنَّ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ لِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا دَمْدَمَ عَلَى ثَمُودَ لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا صَالِحًا، وَأَمَّا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها فَكَلَامٌ تَابِعٌ لِقَوْلِهِ: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ، وَلَيْسَ مِنْ جَوَابِ الْقَسَمِ فِي شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِغَيْرِ حَذْفٍ، وَالْمَعْنَى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها أَيْ: تَبِعَهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ طَلَعَ بَعْدَ غُرُوبِهَا، يُقَالُ: تَلَا يَتْلُو تُلُوًّا إِذَا تَبِعَ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَذَلِكَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ تَلَاهَا الْقَمَرُ فِي الْإِضَاءَةِ وَخَلَفَهَا فِي النُّورِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: تَلَاهَا حِينَ اسْتَدَارَ، فَكَانَ يَتْلُو الشَّمْسَ فِي الضِّيَاءِ وَالنُّورِ، يَعْنِي إِذَا كَمُلَ ضوءه فصار تابعا للشمس في الإنارة، ليلة الهلال إذا سقطت رؤي الْهِلَالِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ تَلَاهَا الْقَمَرُ بِالطُّلُوعِ، وَفِي آخِرِ الشَّهْرِ يَتْلُوهَا بِالْغُرُوبِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَلَاهَا: أَخَذَ مِنْهَا، يَعْنِي أَنَّ الْقَمَرَ يَأْخُذُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها أَيْ: جَلَّى الشَّمْسَ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ عِنْدَ انْبِسَاطِ النَّهَارِ تَنْجَلِي تَمَامَ الِانْجِلَاءِ، فَكَأَنَّهُ جَلَّاهَا مَعَ أَنَّهَا الَّتِي تَبْسُطُهُ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الظُّلْمَةِ، أَيْ: جَلَى الظُّلْمَةَ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لِلظُّلْمَةِ ذِكْرٌ، لِأَنَّ الْمَعْنَى مَعْرُوفٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَمَا تَقُولُ أَصْبَحَتْ بَارِدَةً، أَيْ: أَصْبَحَتْ غَدَاتُنَا بَارِدَةً، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بن الخطيم:
تَجَلَّتْ لَنَا كَالشَّمْسِ تَحْتَ غَمَامَةٍ | بَدَا حَاجِبٌ مِنْهَا وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ |
بَسَطَهَا، كَذَا قَالَ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: دَحاها «١» قالوا: طحاها ودحاها وَاحِدٌ، أَيْ:
بَسَطَهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَالطَّحْوُ: الْبَسْطُ، وَقِيلَ: مَعْنَى طَحَاهَا قَسَمَهَا، وَقِيلَ: خَلَقَهَا، ومنه قول الشاعر:
وما تدري جَذِيمَةُ مَنْ طَحَاهَا | وَلَا مَنْ سَاكِنُ الْعَرْشِ الرَّفِيعِ |