اليسير
يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ يعني الذي يدعو الخلق إلى الحشر لا عِوَجَ لَهُ أي لا يعوج أحد عن اتباعه والمشي نحو صوته، أو لا عوج لدعوته لأنها حق هَمْساً هو الصوت الخفيّ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ يحتمل أن يكون الاستثناء متصلا، ومن في موضع نصب بتنفع وهي واقعة على المشفوع له، فالمعنى لا تنفع الشفاعة أحدا إلا من أذن له الرحمن في أن يشفع له، وأن يكون الاستثناء منقطعا ومن واقعة على الشافع، والمعنى لكن من أذن له الرحمن يشفع وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا إن أريد بمن أذن له الرحمن المشفوع فيه، فاللام في له بمعنى لأجله، أي رضي قول الشافع لأجل المشفوع فيه، وإن أريد الشافع فالمعنى رضي له قوله في الشفاعة يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ الضميران لجميع الخلق، والمعنى ذكر في آية الكرسي وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً قيل: المعنى لا يحيطون بمعلوماته كقوله: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ، والصحيح عندي أن المعنى لا يحيطون بمعرفة ذاته إذ لا يعرف الله على الحقيقة إلا الله، ولو أراد المعنى الأوّل لقال ولا يحيطون بعمله، ولذلك استثنى إلا بما شاء هناك ولم يستثن هنا.
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ أي ذلت يوم القيامة وَلا هَضْماً أي بخسا ونقصا لحسناته أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً أي تذكرا، وقيل: شرفا وهو هنا بعيد وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ أي إذا أقرأك جبريل القرآن فاستمع إليه واصبر حتى يفرغ، وحينئذ تقرأه أنت. فالآية: كقوله لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
[القيامة: ١٦]، وقيل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أوحي إليه القرآن يأمر بكتبه في الحين، فأمر بأن يتأنى حتى تفسر له المعاني، والأول أشهر.
عَهِدْنا إِلى آدَمَ أي وصيناه أن لا يأكل من الشجرة فَنَسِيَ يحتمل أن يكون النسيان الذي هو ضدّ الذكر، فيكون ذلك عذرا لآدم أو يريد الترك، وقال ابن عطية: ولا يمكن غيره، لأن الناسي لا عقاب عليه، وقد تقدّم الكلام على قصة آدم وإبليس في البقرة فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى أي لا تطيعاه فيخرجكما من الجنة، فجعل المسبب