يعنى ولا تستبدلوا بآياتى ثمنا وإلا فالثمن هو المشترى به. والثمن القليل الرياسة التي كانت لهم في قومهم، خافوا عليها الفوات لو أصبحوا أتباعا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فاستبدلوها- وهي بدل قليل ومتاع يسير- بآيات اللَّه وبالحق الذي كل كثير إليه قليل، وكل كبير إليه حقير، فما بال القليل الحقير. وقيل كانت عامّتهم يعطون أحبارهم من زروعهم وثمارهم، ويهدون إليهم الهدايا، ويرشونهم الرشا على تحريفهم الكلم، وتسهيلهم لهم ما صعب عليهم من الشرائع. وكان ملوكهم يدرّون عليهم الأموال ليكتموا أو يحرّفوا.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]
وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)
الباء التي في بِالْباطِلِ إن كانت صلة مثلها في قولك: لبست الشيء بالشيء خلطته به، كأن المعنى: ولا تكتبوا في التوراة ما ليس منها فيختلط الحق المنزل بالباطل الذي كتبتم، حتى لا يميز بين حقها وباطلكم، وإن كانت باء الاستعانة كالتي في قولك: كتبت بالقلم، كان المعنى: ولا تجعلوا الحق ملتبسا مشتبها بباطلكم الذي تكتبونه وَتَكْتُمُوا جزم داخل تحت حكم النهى بمعنى: ولا تكتموا. أو منصوب بإضمار أن، والواو بمعنى الجمع، أى ولا تجمعوا لبس الحق بالباطل وكتمان الحق، كقولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن. فإن قلت: لبسهم وكتمانهم ليسا بفعلين متميزين حتى ينهوا عن الجمع بينهما، لأنهم إذا لبسوا الحق بالباطل فقد كتموا الحق «١» ؟ قلت: بل هما متميزان، لأن لبس الحق بالباطل ما ذكرنا