تكوينه وتقديره ومشيئته، ومن كان بهذه الصفة لم يجانس، ومن حق الولد أن يكون من جنس الوالد. والتنوين في: (كلّ) عوض من المضاف إليه، أى كل ما في السموات والأرض. ويجوز أن يراد كلّ من جعلوه للَّه ولداً له قانتون مطيعون عابدون مقرون بالربوبية منكرون لما أضافوا إليهم. فإن قلت: كيف جاء بما التي لغير أولى العلم مع قوله قانتون؟ قلت: هو كقوله: سبحان ما سخر كنّ لنا. وكأنه جاء ب «ما» دون «من» تحقيراً لهم وتصغيراً لشأنهم، كقوله: (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً).
[سورة البقرة (٢) : آية ١١٧]
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)
يقال بدع الشيء فهو بديع، كقولك: بزع الرجل «١» فهو بزيع. وبَدِيعُ السَّماواتِ من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها أى بديع سماواته وأرضه. وقيل البديع بمعنى المبدع، كما أنّ السميع في قول عمرو:
أمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِى السَّمِيعُ «٢»
بمعنى المسمع وفيه نظر كُنْ فَيَكُونُ من كان التامّة، أى أحدث فيحدث. وهذا مجاز من الكلام وتمثيل ولا قول ثم، كما لا قول في قوله:
إذْ قَالَتِ الْأَنْسَاعُ لِلْبَطْنِ الْحَقِ «٣»
وإنما المعنى أنّ ما قضاه من الأمور وأراد كونه، فإنما يتكوّن ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف، كما أنّ المأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل لا يتوقف ولا يمتنع ولا يكون منه الإباء.
(٢). مر شرح هذا الشاهد صفحة ٦٠ من هذا الجزء فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٣).
إذا قالت الأنساع للبطن الحق | قدوما فآضت كالفنيق المحنق |