عَرِيضُ القَفَا مِيزَانُهُ فِى شِمَالِهِ | قَدِ انْحَصَّ مِنْ حَسْبِ القَرَارِيِط شَارِبُهْ «١» |
والاعتكاف أن يحبس نفسه في المسجد يتعبد فيه. والمراد بالمباشرة الجماع لما تقدم من قوله (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)، (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) وقيل معناه: ولا تلامسوهنّ بشهوة، والجماع يفسد الاعتكاف، وكذلك إذا لمس أو قبل فأنزل. وعن قتادة كان الرجل إذا اعتكف خرج فباشر امرأته ثم رجع إلى المسجد، فنهاهم اللَّه عن ذلك. وقالوا: فيه دليل على أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد، وأنه لا يختص به مسجد دون مسجد. وقيل:
لا يجوز إلا في مسجد نبىّ وهو أحد المساجد الثلاثة. وقيل: في مسجد جامع. والعامة على
(١). يصف رجلا بالغباوة على طريق الكناية. فعرض القفا: كناية عن الحمق. وكون ميزانه في شماله: كناية عن البلة. وانحص: أى انحسر شاربه، لكثرة ما يعض على شفته عند الحسب، كناية عن البلادة. [.....]
(٢). متفق عليه من رواية أبى حازم عنه.
(٣). قال محمود رحمه اللَّه: «قالوا فيه دليل على جواز النية بالنهار... الخ». قال أحمد: وجه: استدلالهم من الآية على الحكم الأول متعذر، لأن إقران النية بأول الصوم وجوداً غير معتبر باتفاق، وتقديمها من الليل وتستصحب معتبر باتفاق، فإذاً لا تنافى بين الأكل والشرب إلى الفجر وبين نية الصوم المستقبل من الليل. ووجودها من الليل متقدمة على الصوم مستفاد من دليل دل عليه، وإنما لم يتم لهم الاستدلال بالآية على اعتبار النية في النهار- لو كان الأكل والشرب ليلا إلى الفجر- ينافي صحة استصحاب النية، وكان اقتضاء الآية لجواز الأكل والشرب إلى الفجر يمنع من اعتبار النية من الليل إلى الفجر لوجود المنافى لها ولا بد منها، فيتعين أن يوقع بعد الفجر على هذا التقدير. وذلك التقدير كما علمت متفق على بطلانه. وأما الاستدلال بها على الحكمين الآخرين فصحيح مستند واللَّه أعلم. ولتفطن الزمخشري لبطلان الاستدلال بالآية على الحكم المذكور سلك سبيل النقل عنهم فقال: قالوا، لا يقولها إلا في مثل هذا المعنى، ولم يسعه التنبيه على بطلان الاستدلال لأنه على وفق مذهبه.
(٢). متفق عليه من رواية أبى حازم عنه.
(٣). قال محمود رحمه اللَّه: «قالوا فيه دليل على جواز النية بالنهار... الخ». قال أحمد: وجه: استدلالهم من الآية على الحكم الأول متعذر، لأن إقران النية بأول الصوم وجوداً غير معتبر باتفاق، وتقديمها من الليل وتستصحب معتبر باتفاق، فإذاً لا تنافى بين الأكل والشرب إلى الفجر وبين نية الصوم المستقبل من الليل. ووجودها من الليل متقدمة على الصوم مستفاد من دليل دل عليه، وإنما لم يتم لهم الاستدلال بالآية على اعتبار النية في النهار- لو كان الأكل والشرب ليلا إلى الفجر- ينافي صحة استصحاب النية، وكان اقتضاء الآية لجواز الأكل والشرب إلى الفجر يمنع من اعتبار النية من الليل إلى الفجر لوجود المنافى لها ولا بد منها، فيتعين أن يوقع بعد الفجر على هذا التقدير. وذلك التقدير كما علمت متفق على بطلانه. وأما الاستدلال بها على الحكمين الآخرين فصحيح مستند واللَّه أعلم. ولتفطن الزمخشري لبطلان الاستدلال بالآية على الحكم المذكور سلك سبيل النقل عنهم فقال: قالوا، لا يقولها إلا في مثل هذا المعنى، ولم يسعه التنبيه على بطلان الاستدلال لأنه على وفق مذهبه.