تربص أربعة أشهر؟ وما معنى ذكر الأنفس؟ قلت: في ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص وزيادة بعث، لأن فيه ما يستنكفن منه فيحملهن على أن يتربصن، وذلك أن أنفس النساء طوامح إلى الرجال، فأمرن أن يقمعن أنفسهن ويغلبنها على الطموح ويجبرنها على التربص. والقروء: جمع قرء أو قرء، وهو الحيض، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: «دعى الصلاة أيام أقرائك» «١» وقوله: «طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان» «٢» ولم يقل طهران. وقوله تعالى وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ فأقام الأشهر مقام الحيض دون الأطهار. ولأن الغرض الأصيل في العدة استبراء الرحم، والحيض هو الذي تستبرأ به الأرحام دون الطهر، ولذلك كان الاستبراء من الأمة بالحيضة. ويقال: أقرأت المرأة، إذا حاضت.
وامرأة مقرئ. وقال أبو عمرو بن العلاء: دفع فلان جاريته إلى فلانة تقرئها، أى تمسكها عندها حتى تحيض للاستبراء. فإن قلت: فما تقول: في قوله تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ والطلاق الشرعي، إنما هو في الطهر؟ قلت: معناه: مستقبلات لعدتهن، كما تقول: لقيته لثلاث بقين من الشهر، تريد مستقبلا لثلاث، وعدتهنّ الحيض الثلاث. فإن قلت: فما تقول في قول الأعشى:
لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا؟ «٣»
قلت: أراد: لما ضاع فيها من عدّة نسائك، لشهرة القروء عندهم في الاعتداد بهن، أى من مدّة طويلة كالمدة التي تعتد فيها النساء، استطال مدة غيبته عن أهله كل عام لاقتحامه في الحروب والغارات. وأنه تمرّ على نسائه مدة كمدة العدة ضائعة لا يضاجعن فيها، أو أراد من أوقات نسائك،
(٢). أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم من رواية مظاهر بن أسلم عن القاسم عن عائشة بهذا.
ومظاهر ضعيف. ورواه ابن ماجة والدارقطني من رواية عطية عن ابن عمر نحوه: وفيه عمر بن شبيب وهو ضعيف.
(٣).
أفى كل عام أنت جاشم غزوة | تشد لأقصاها عزيم عزائكا |
مؤثلة مالا وفي الحي رفعة | لما ضاع فيها من قروء نسائكا |