وكثير الرماد للمضياف. والتعريض أن تذكر شيأ تدل به على شيء لم تذكره، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه: جئتك لأسلم عليك، ولأنظر إلى وجهك الكريم. ولذلك قالوا:
وَحَسْبُكَ بِالتَّسلِيمِ مِنِّى تَقَاضِيَا
وكأنه إمالة الكلام إلى عرض يدل على الغرض ويسمى التلويح لأنه يلوح منه ما يريده أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ أو سترتم وأضمرتم في قلوبكم فلم تذكروه بألسنتكم لا معرّضين ولا مصرحين عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ لا محالة ولا تنفكون عن النطق برغبتكم فيهنّ ولا تصبرون عنه، وفيه طرف من التوبيخ كقوله: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ). فإن قلت: أين المستدرك بقوله «١» وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ؟ قلت: هو محذوف لدلالة ستذكرونهنّ عليه، تقديره: علم اللَّه أنكم ستذكرونهنّ فاذكروهنّ، ولكن لا تواعدوهنّ سراً. والسر وقع كناية عن النكاح الذي هو الوطء، لأنه مما يسرّ. قال الأعشى:
وَلَا تَقْرَبَنْ مِنْ جَارَةٍ إنَّ سِرَّهَا | عَلَيْكَ حَرَامٌ فَانْكِحَنْ أوْ تَأَبَّدَا «٢» |
(٢).
ولا تسخرن من بائس ذى ضرارة | ولا تحسبن المال للمرء مخلدا |
ولا تقربن من جارة إن سرها | عليك حرام فانكحن أو تأبدا |