إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهلّ صارخاً من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها» «١» فاللَّه أعلم بصحته. فإن صح فمعناه أن كل مولود يطمع الشيطان في إغوائه إلا مريم وابنها، فإنهما كانا معصومين، وكذلك كل من كان في صفتهما كقوله تعالى: (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) واستهلاله صارخاً من مسه تخييل وتصوير لطمعه فيه، كأنه يمسه ويضرب بيده عليه ويقول: هذا ممن أغويه، ونحوه من التخييل قول ابن الرومي:
لِمَا تُؤْذِنُ الدُّنْيَا بِهِ مِنْ صُرُوفِهَا | يَكُونُ بُكَاءُ الطِّفْلِ سَاعَةَ يُولَدُ «٢» |
(١). قال المصنف: اللَّه أعلم بصحته هكذا قال. والحديث في الصحيحين من حديث أبى هريرة في آخره: قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ).
(٢).
لابن الرومي، يقول: إن بكاء الطفل حين ولادته لأجل ما تشعر به الدنيا من حوادثها فقط، وإن لا يكن بكاؤه لذلك، فأى شيء منها يبكيه، أو فأى شيء يبكيه منها، وإنها أى الدنيا. وروى: وإنه، أى الطفل لأفسح موضعا مما كان فيه من ضيق الرحم وأرغد منه. وعوده على ما يبكيه بعيد، أو غير سديد. ويجوز أنه عائد على فضاء الدنيا المعلوم من المقام، ثم قال: إذا أبصرها صرخ، كأنه يخوف بما سوف يناله من أذاها قبل حصوله.
(٣). قوله «أنا أحق بها عندي خالتها» قوله خالتها: يعنى زوجته ايشاع أخت حنة لكن تقدم أنها أخت مريم وقال صلى اللَّه عليه وسلم في يحيى وعيسى هما ابنا خالة وفي أبى السعود قيل في تأويل ذلك أن الأخت كثيراً ما تطلق على بنت الأخت فجرى الحديث على ذلك وقيل إن ايشاع أخت حنة من الأم وأخت مريم من الأب بأن نكح عمران أم حنة فولدت إيشاع ثم نكح حنة ربيبته فولدت مريم بناء على حل نكاح الربائب عندهم. (ع)
(٢).
لما تؤذن الدنيا به من صروفها | يكون بكاء الطفل ساعة يولد |
وإلا فما يبكيه منها وإنها | لأفسح مما كان فيه وأرغد |
إذا أبصر الدنيا استهل كأنه | بما سوف يلقى من أذاها يهدد |
(٣). قوله «أنا أحق بها عندي خالتها» قوله خالتها: يعنى زوجته ايشاع أخت حنة لكن تقدم أنها أخت مريم وقال صلى اللَّه عليه وسلم في يحيى وعيسى هما ابنا خالة وفي أبى السعود قيل في تأويل ذلك أن الأخت كثيراً ما تطلق على بنت الأخت فجرى الحديث على ذلك وقيل إن ايشاع أخت حنة من الأم وأخت مريم من الأب بأن نكح عمران أم حنة فولدت إيشاع ثم نكح حنة ربيبته فولدت مريم بناء على حل نكاح الربائب عندهم. (ع)