عليه بنسيان أو عمد. قلت: قد تأوله هؤلاء بالميتة وبما ذكر غير اسم الله عليه «١» : كقوله أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ لَيُوحُونَ ليوسوسون إِلى أَوْلِيائِهِمْ من المشركين لِيُجادِلُوكُمْ بقولهم: ولا تأكلوا مما قتله الله. وبهذا يرجع تأويل من تأوله بالميتة إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ لأنّ من اتبع غير الله تعالى في دينه فقد أشرك به. ومن حق ذى البصيرة في دينه أن لا يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه كيفما كان، لما يرى في الآية من التشديد العظيم، وإن كان أبو حنيفة رحمه الله مرخصا في النسيان دون العمد، ومالك والشافعي رحمهما الله فيهما.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢٢ الى ١٢٣]
أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢) وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣)
مثل الذي هداه الله بعد الضلالة ومنحه التوفيق لليقين الذي يميز به بين المحق والمبطل والمهتدى والضال، بمن كان ميتا فأحياه الله وجعل له نوراً يمشى به في الناس مستضيئا به، فيميز بعضهم من بعض، ويفصل بين حلاهم ومن بقي على الضلالة بالخابط في الظلمات لا ينفك منها ولا يتخلص ومعنى قوله كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كمن صفته هذه وهي قوله فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها بمعنى: هو في الظلمات ليس بخارج منها، كقوله تعالى مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ