وعلى أسباب التوصل إليها، وانتفع الجن بالإنس حيث أطاعوهم وساعدوهم على مرادهم وشهوتهم في إغوائهم، وقيل استمتاع الإنس بالجن ما في قوله وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ وأن الرجل كان إذا نزل وادياً وخاف قال: أعوذ بربّ هذا الوادي، يعنى به كبير الجن. واستمتاع الجن بالإنس: اعترف الإنس لهم بأنهم يقدرون على الدفع عنهم وإجارتهم لهم وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا يعنون يوم البعث. وهذا الكلام اعتراف بما كان منهم من طاعة الشياطين واتباع الهوى والتكذيب بالبعث واستسلام لربهم وتحسر على حالهم خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أى يخلدون في عذاب النار الأبد كله «١»، إلا ما شاء الله، إلا الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب النّار إلى عذاب الزمهرير، فقد روى أنهم يدخلون واديا فيه من الزمهرير ما يميز بعض أوصالهم من بعض، فيتعاوون ويطلبون الردّ إلى الجحيم. أو يكون من قول الموتور «٢» الذي ظفر بواتره ولم يزل يحرق عليه أنيابه وقد طلب إليه أن ينفس عن خناقه.
أهلكنى الله إن نفست عنك إلا إذا شئت، وقد علم أنه لا يشاء إلا التشفي منه بأقصى ما يقدر
لقد جدت حتى كاد يبخل حاتم | إلى المنتهى ومن السرور يكاد |
(٢). قوله «قوله الموتور» الموتور: المظلوم. (ع)