للهو واللعب، وإنما سويناها للفوائد الدينية والحكم الربانية، لتكون مطارح افتكار واعتبار واستدلال ونظر لعبادنا، مع ما يتعلق لهم بها من المنافع التي لا تعدّ والمرافق التي لا تحصى. ثم بين أنّ السبب في ترك اتخاذ اللهو واللعب وانتفائه عن أفعالى: هو أن الحكمة صارفة عنه، وإلا فأنا قادر على اتخاذه إن كنت فاعلا لأنى على كل شيء قدير. وقوله لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا كقوله رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا أى من جهة قدرتنا. وقيل: اللهو الولد بلغة اليمن. وقيل المرأة. وقيل من لدنا، أى من الملائكة لا من الإنس، ردّا لولادة المسيح وعزير.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١٨]
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨)
بَلْ إضراب عن اتخاذ اللهو واللعب، وتنزيه منه لذاته، كأنه قال: سبحاننا أن نتخذ اللهو واللعب «١»، بل من عادتنا وموجب حكمتنا واستغنائنا عن القبيح أن نغلب اللعب بالجد، وندحض الباطل بالحق. واستعار لذلك القذف «٢» والدمغ، تصويرا لإبطاله وإهداره ومحقه فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلا، قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه «٣»، ثم قال وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ به مما لا يجوز عليه وعلى حكمته. وقرئ: فيدمغه بالنصب، وهو في ضعف قوله:
(٢). عاد كلامه. قال: «وفي قوله تعالى بل نقذف بالحق على الباطل استعارة حسنة: استعار القذف... الخ» قال أحمد: ومثل هذا التنبيه من حسناته، ولولا أن السيئة التي قبلها تتعلق بالعقيدة لتلوت: إن الحسنات يذهبن السيئات، والله أعلم. [.....]
(٣). قوله «فدمغه» في الصحاح: أى شجه حتى بلغت الشجة الدماغ. (ع)