سأل ربه أن يرزقه ولدا يرثه ولا يدعه وحيدا بلا وارث، ثم ردّ أمره إلى الله مستسلما فقال وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ أى إن لم ترزقني من يرثني فلا أبالى، فإنك خير وارث. إصلاح زوجه: أن جعلها صالحة للولادة بعد عقرها. وقيل: تحسين خلقها وكانت سيئة الخلق.
الضمير للمذكورين من الأنبياء عليهم السلام يريد أنهم ما استحقوا الإجابة إلى طلباتهم إلا لمبادرتهم أبواب الخير ومسارعتهم في تحصيلها كما يفعل الراغبون في الأمور الجادون. وقرئ رَغَباً وَرَهَباً بالإسكان، وهو كقوله تعالى يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ. خاشِعِينَ قال الحسن: ذللا لأمر الله. وعن مجاهد: الخشوع الخوف الدائم في القلب. وقيل: متواضعين.
وسئل الأعمش فقال: أما إنى سألت إبراهيم فقال: ألا تدرى؟ قلت: أفدنى. قال: بينه وبين الله إذا أرخى ستره وأغلق بابه، فلير الله منه خيرا، لعلك ترى أنه أن يأكل خشنا ويلبس خشنا ويطأطئ رأسه.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩١]
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ (٩١)
أَحْصَنَتْ فَرْجَها إحصانا كليا من الحلال والحرام جميعا كما قالت وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. فإن قلت: نفخ الروح في الجسد عبارة عن إحيائه. قال الله تعالى فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي أى أحييته. وإذا ثبت ذلك كان قوله فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا ظاهر الإشكال، لأنه يدل على إحياء مريم. قلت: معناه نفخنا الروح في عيسى فيها، أى: أحييناه في جوفها «١». ونحو ذلك أن يقول الزمار: نفخت في بيت فلان، أى: نفخت في المزمار في بيته. ويجوز أن يراد: وفعلنا النفخ في مريم من جهة روحنا وهو جبريل عليه السلام، لأنه نفخ في جيب درعها فوصل النفخ إلى جوفها. فإن قلت: هلا قيل آيتين كما قال وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ؟ قلت: لأن حالهما بمجموعهما آية واحدة، وهي ولادتها إياه من غير فحل.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩٢]
إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)