عليه قوله تعالى فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ويجوز أن يراد الدعاء الذي حكاه الله في سورة الشعراء. عرّض بشقاوتهم بدعاء آلهتهم في قوله عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا مع التواضع لله بكلمة عَسى وما فيه من هضم النفس.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٤٩ الى ٥٠]
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠)
ما خسر على الله أحد ترك الكفار الفسقة لوجهه، فعوّضه أولادا مؤمنين أنبياء مِنْ رَحْمَتِنا هي النبوّة عن الحسن. وعن الكلبي: المال والولد، وتكون عامّة في كل خير دينى ودنيوى أوتوه. لسان الصدق: الثناء الحسن. وعبر باللسان عما يوجد باللسان كما عبر باليد عما يطلق باليد وهي العطية. قال:
إنى أتتنى لسان لا أسر بها «١»
يريد الرسالة. ولسان العرب: لغتهم وكلامهم. استجاب الله دعوته وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فصيره قدوة حتى ادّعاه أهل الأديان كلهم. وقال عز وجل مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ ومِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً، ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وأعطى ذلك ذرّيته فأعلى ذكرهم وأثنى عليهم، كما أعلى ذكره وأثنى عليه.
[سورة مريم (١٩) : آية ٥١]
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١)
المخلص- بالكسر-: الذي أخلص العبادة عن الشرك والرياء. أو أخلص نفسه وأسلم وجهه لله. وبالفتح: الذي أخلصه الله. الرسول: الذي معه كتاب من الأنبياء: والنبىّ:
الذي ينبئ عن الله عز وجل وإن لم يكن معه كتاب، كيوشع.
[سورة مريم (١٩) : آية ٥٢]
وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢)

(١).
إنى أتتنى لسان لا أسر به من علو لا كذب فيه ولا سحر
فجاشت النفس لما جاء فلهم وراكب جاء من تثليث معتمر
للأعشى الباهلي، لما جاء الناعي بقتل المنتشر أخيه. عبر باللسان عن الكلام مجازا، لأنه آلته. وأنث الفعل لتأويل الفاعل بالكلمة أو الرسالة، وذكر فيما بعد نظرا للظاهر، من علو بالبناء على الفتح، أى: من أعلى نجد، والسخر: مصدر سخر كتعب. وجاشت القدر: غلت وارتفع ما فيها. والتجوز بالجيشان عن حرارة القلب مشهور والفل: الفئة. وتثليث: اسم موضع ممنوع من الصرف. وراكب: عطف على «فلهم»، و «معتمر» نعته، وجاء الثاني بدل.


الصفحة التالية
Icon