وقوله الحق شَيْئاً لأن المعدوم ليس بشيء. أو شيئا يعتدّ به «١»، كقولهم: عجبت من لا شيء، وقوله:
إذا رأى غير شيء ظنّه رجلا «٢»
وقرأ الأعمش والكسائي وابن وثاب: خلقناك.
[سورة مريم (١٩) : آية ١٠]
قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (١٠)
أى اجعل لي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به. قال: علامتك أن تمنع الكلام فلا تطيقه، وأنت سليم الجوارح سوىّ الخلق، ما بك خرس ولا بكم. دل ذكر الليالي هنا، والأيام في آل عمران، على أن المنع من الكلام استمر به ثلاثة أيام ولياليهن.
[سورة مريم (١٩) : آية ١١]
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١)
أوحى: أشار عن مجاهد، ويشهد له إِلَّا رَمْزاً. وعن ابن عباس: كتب لهم على الأرض سَبِّحُوا صلوا، أو على الظاهر، وأن: هي المفسرة.
[سورة مريم (١٩) : آية ١٢]
يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)
أى خذ التوراة بحد واستظهار بالتوفيق والتأييد الْحُكْمَ الحكمة. ومنه:
واحكم كحكم فتاة الحي «٣»
ومن ثم كافح الزمخشري عن البقاء على التفسير الأول إلى الثاني بوجه من التأويل يلائم معتقد المعتزلة. فجعل المنفي الشيئية المعتد بها، وإن كانت الشيئية المطلقة ثابتة عنده للمعدوم، والحق بقاء الظاهر في نصابه.
(٢).
وضاقت الأرض حتى كان هاربهم | إذا رأى غير شيء ظنه رجلا |
(٣).
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت | إلى حمام سراع وارد الثمد |
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا | إلى حمامتنا ونصفه فقد |
فحبسوه فألفوه كما وجدت | ستا وستين لم تنقص ولم تزد |
ويروى «حسبوه» بتقديم السين على الباء.