عصم جميع الأمة (عن) «١» الاجتماع على الخطأ، وعصم هذه الطائفة عن الخطأ فى النظر والحكم، والقبول والرد، ثم إن بناء أمرهم مستند إلى سنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وكل ما لا يكون فيه اقتداء بالرسول «٢» عليه السّلام فهو عليه ردّ «٣»، وصاحبه على لا شىء.
قوله جل ذكره: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ، وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ، وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.
بيّن أن الحكم فى تقرير أمر القبلة إلى وقت التحويل، وتحويلها من وقت التبديل كان اختبارا لهم من الحق ليتميز الصادق من المارق «٤»، ومن نظر إلى الأمر بعين التفرقة لكبر عليه أمر التحويل، ومن نظر بعين الحقيقة ظهرت لبصيرته وجوه الصواب. ثم قال:
«وما كان الله ليضيع إيمانكم» أي من كان مع الله فى جميع الأحوال على قلب واحد فالمختلفات من الأحوال له واحدة، فسواء غيّر أو قرّر، وأثبت أو بدّل، وحقّق أو حوّل فهم به له فى جميع الأحوال، قال قائلهم:
كيفما دارت الزجاجة درنا | يحسب الجاهلون أنّا جننّا |
قوله جل ذكره:
[سورة البقرة (٢) : آية ١٤٤]
قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤).
(٢) أخطأ الناسخ فكتبها (بالوصل).
(٣) جاءت (فهو عليهم رد) والصواب أن تكون (فهو عليه رد).
(٤) وردت (المارن) وقد جعلناها (المارق) لملاء منها للمعنى. ونرجح أنها كذلك فى الأصل.