ليؤدى الفرائض الواجبة عليه ثم يعود إلى حالة الجمع مرة أخرى، ويكون فى كل أحواله مصرّفا بإرادة مولاه. كذلك فإن من كان صادقا فى بدايته ووسيلته وغايته كان محفوظا- من قبل الحق- فى كل كلمة ينطق بها أو كل حركة تصدر عنه، فإذا نطق نطق بالله، وإذا تحرّك تحرّك بالله. ومثل هذا العبد لا ينتظر منه- وهو فى يد الله على هذا النحو- أن يكون غريب الأقوال أو غريب الأفعال. فالصدق هو عمدة الأمر فى هذا السبيل- كما يرى هذا الإمام الجليل.
ثالثا: ننتقل بعد ذلك إلى العامل الثالث فى أهمية إخراج هذا الكتاب، وهو فى هذه المرة يعود إلى النسخة أو النسختين اللتين نعتمد عليهما فى التحقيق.
النسخ الكاملة من «اللطائف» نادرة فهى حسبما تقول تذكرة النوادر لا تزيد على خمس إحداها فى خزانة بانكى پور مكتوبة فى القرن التاسع، والثانية فى المكتبة الحبيبية تاريخ كتابتها عام ٨٤٤ وهى ناقصة من أولها، والثالثة فى الخزانة الآصفية بخط قديم جدا، والرابعة فى مكتبة الجامعة العثمانية بحيدرآباد مكتوبة بخطوط مختلفة سنة ٧٢٦ والخامسة فى مكتبة محمد باشا باسطنبول.
غير أننا نعتقد أن هناك عددا أكبر من النسخ يزيد عما ذكرت التذكرة وأنها منبثة فى أنحاء متفرقة من العالم، ونرجح أن النسخ الكاملة نادرة جدا كما يشير بروكلمان. وإنه لمن دواعى التوفيق أن يتاح لنا أن نحصل- لأول مرة- على الكتاب كاملا، فقد وجدنا فى مدينة طشقند عاصمة جمهوريات أوزبكستان السوفيتية فى المركز الديني لمسلمى آسيا الوسطى وقازاخستان نسخة شبه كاملة تحت رقم ١٣٠٢ تفسير تبدأ بمقدمة بقلم القشيري- وهى على جانب كبير من الأهمية- لأنها تكشف عن منهجه فى الدراسة، ثم بعدها الفاتحة والبقرة و.... حتى سورة قريش، ومعنى ذلك أنها تنقص فقط سور الماعون والكوثر والكافرون والنصر والمسد والإخلاص والفلق والناس. وهذه السور القصيرة موجودة فى النسخة الأخرى التي عندنا فى مصر ورقمها ٢٦٦ تفسير (أنظر فهرس الخزانة التيمورية ط تفسير ص ٢٣٠) والتي تبدأ بالآية (إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل... ) فى سورة الأنبياء وقد قمنا بنسخ هذه المخطوطة، كما قمنا بالتقاط صورة بالميكروفيلم للنسخة الطشقندية ثم أجرينا تصويرها