ويقال هذا خطاب الحق معه ليلة المعراج على جهة تعظيم القدر فقال «آمن الرسول»، ولم يقل آمنت، كما تقول لعظيم الشأن من الناس: قال الشيخ، وأنت تريد قلت.
ويقال آمن الرسول والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، ولكن شتان بين إيمان وإيمان، الكلّ آمنوا استدلالا، وأنت يا محمد آمنت وصالا.
قوله جل ذكره:
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٨٦]
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٨٦)
لكمال رحمته بهم وقفهم على حد وسعهم ودون ذلك بكثير، كل ذلك رفق منه وفضل.
لَها ما كَسَبَتْ من الخيرات.
وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ما تكسبه من التوبة التي تنجّى من كسب «١».
قوله جل ذكره: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ كان إذا وقعت حاجة كلّموه بلسان الواسطة. قالوا «يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ» وهذه الأمة قال لهم: «وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».
وكانت الأمم (السالفة) «٢» إذا أذنبوا احتاجوا إلى مضى مدة لقبول التوبة، وفى هذه الأمة قال صلّى الله عليه وسلّم: «الندم توبة».
وكانت الأمم السالفة منهم من قال اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، وهذه الأمة اختصت بإشراق أنوار توحيدهم، وخصائصهم أكثر من أن يأتى عليه الشرح.
(٢) (السالفة) موجودة فى الهوامش فأثبتناها فى موضعها من المتن.