حرّضهم على القتال- على ملاحظة أمر الله بذلك- لا على مقتضى الانطواء على الحقد لأحد، فإنّ من غضب لنفسه فمذموم الوصف، ومن غضب لله فإن نصر الله قريب.
وقال «أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ» : فالخشية من الله بشير الوصلة، والخشية من غير الله نذير الفرقة. وحقيقة الخشية نفض السّرّ عن ارتكاب الزّجر ومخالفة الأمر.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٤ الى ١٥]
قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)
هوّن عليهم كلفة المخاطرة بالمهجة بما وعدهم من الظفر والنصرة، فإنّ شهود خزى العدوّ مما يهوّن عليهم مقاساة السوء. والظّفر بالأرب يذهب تعب الطّلب.
وشفاء صدور المؤمنين على حسب مراتبهم فى المقام والدرجات فمنهم من شفاء صدره فى قهر عدوّه، ومنهم من شفاء صدره فى نيل مرجوّه. ومنهم من شفاء صدره فى الظّفر بمطلوبه، ومنهم من شفاء صدره فى لقاء محبوبه. ومنهم من شفاء صدره فى درك مقصوده، ومنهم من شفاء صدره فى البقاء بمعبوده.
وكذلك ذهاب غيظ قلوبهم تختلف أسبابه، وتتنوّع أبوابه، وفيما ذكرنا تلويح لما تركنا «١».
«وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ» حتى يكون استقلاله بمحوّل الأحوال.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : آية ١٦]
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦)