البشارة من الله تعالى على قسمين: بشارة بواسطة الملك، عند التوفى:
«تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ» «١».
وبشارة بلا واسطة بقول الملك، إذ يبشّرهم ربّهم برحمة منه، وذلك عند الحساب.
يبشرهم بلا واسطة بحسن التولّى فعاجل بشارتهم بنعمة الله، وآجل بشارتهم برحمة الله، وشتان ما هما! ويقال البشارة بالنعمة والجنة لأصحاب الإحسان، والبشارة بالرحمة لأرباب العصيان، فأصحاب الإحسان صلح أمرهم للشهرة فأظهر أمرهم للملك حتى بشّروهم جهرا، وأهل العصيان صلح حالهم للستر فتولّى بشارتهم- من غير واسطة- سرّا.
ويقال إن كانت للمطيع بشارة بالاختصاص فإنّ للعاصى بشارة بالخلاص. وإن كان للمطيع بشارة بالدرجات فإن للعاصى بشارة بالنجاة.
ويقال إنّ القلوب مجبولة على محبة من يبشّر بالخير فأراد الحقّ- سبحانه- أن تكون محبة العبد له- سبحانه- على الخصوص فتولّى بشارته بعزيز خطابه من غير واسطة، فقال: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ» وفى معناه أنشدوا:
لولا تمتّع مقلتى بلقائه | لوهبتها بشرى بقرب إيابه |
ويقال (قدّم أمر العاصي بالرحمة حتى إذا كان يوم العرض وحضور الجمع لا يفتضح العاصي) «٢».
ويقال «يبشرهم ربّهم برحمته» يعرّفهم أنهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تلك الدرجات
(٢) ما بين القوسين موجود فى الهامش أثبتناه فى موضعه من النص حسب العلامات المميزة، ولنتأمل مقدار انفساح صدور الصوفية بالنسبة للعصاة، وذلك نتيجة امتلاء قلوبهم بالأمل في المحبوب.