ولا تسكن إلا بوجود المعلوم «١»، ولا تقبل منك إلا كاذب المواعيد، ولذلك قالوا وأكذب النّفس إذا حدّثتها فإنّ صدق القول يذرى بالأمل قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٠]
وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠)
لو كان هذا فى تخاطب المخلوقين لكان عين الشكوى والشكوى إلى الأحباب تشير إلى تحقق الوصلة.
شكا إليهم ما حصل من قبيح أعمالهم، وكم بين من تشكو منه وبين من تشكو إليه!! قوله جل ذكره: يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ، قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ الكفار قبلهم جحدوا الربوبية، وهؤلاء أقروا بالله، ثم لما أثبتوا له الولد نقضوا ما أقروا به من التوحيد، فصاروا كالكفار قبلهم.
ويحتمل أن تكون مضاهاة قولهم فى وصف المعبود بأنّ عيسى ابنه وعزيرا ابنه كقول الكفار قبلهم إنّ الملائكة بنات الله.
ويقال لمّا وصفوا المعبود بما يتعالى عن قولهم لم ينفعهم صدقهم فى الإقرار بربوبيته مما أضافوا إليه من سوء القالة. وكلّ من أطلق فى وصفه ما يتقدّس- سبحانه- عنه فهو للأعداء مشاكل فى استحقاق الندم والتوبيخ.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : آية ٣١]
اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)